الاعتبار ، واختلاف الاعتبارين لا يوجب اختلاف الحالين للحال.
هذا من الإلزامات المفحمة ومن جملتها أخرى وهي أن الوجود في القديم والحادث والجوهر والعرض عندهم حال لا يختلف البتة بل وجود الجوهر في حكم وجود العرض على السواء فيلزمهم على ذلك أمران منكران إبهام شيء واحد في شيئين مختلفين أو شيئان مختلفان في شيء واحد وواحد في اثنين واثنان في واحد محال أما أحدهما أن شيئا واحدا كيف يتصور في شيئين فإن حال الوجود من حيث هو وجود واحد ومن بداية العقول أن الشيء الواحد لا يكون في شيئين معا بل في جميع الموجودات على السواء وفي ما لم يوجد بعد لكنه سيوجد على السواء وهو من أمحل المحال.
والمنكر الثاني : إذا كان الوجود حالا واحدا واجتمعت فيه أجناس وأنواع وأصناف فيلزم أن تتحد المتكثرات المختلفة فيه ولزم تبدل الأجناس من غير تبدل وتغير في الوجود أصلا وذلك كتبدل الصورة بعضها ببعض في الهيولى عند الفلاسفة من غير تبدل في الهيولى وذلك التمثيل أيضا غير سديد ، فإن الهيولى عندهم لا تعرى عن الصورة إلا أن من الصور ما هو لازم للهيولى كالأبعاد الثلاثة ومنها ما يتبدل كالأشكال والمقادير المختلفة والأوضاع والكيفيات وبالجملة وجود مجرد مطلق عام غير مختلف كيف يتصور وجوده وما محله فإن كان الجوهر محلا له فقد بطل عمومه العرض فإن عنيتم العرض فقد بطل عمومه الجوهر ، وإن لم يكن ذا محل وهو من أمحل المحال.
وعن هذه المطالبة إلحاقة بلوح الحق ولا نبوح به لأنّا بعد في مدارج أقوال الفريقين فيقول النافي كيف يتصور وجود على الحقيقة التي لا تتبدل ولا تتغير إنما تتغير أنواعه بعضها إلى بعض فيصير الجوهر عرضا والعرض جوهرا والوجود لا يختلف وذلك تجويز قلب الأجناس فالأول سريان الوجود الواحد في أجناس وأنواع مختلفة والثاني اتحاد أنواع وأجناس مختلفة في وجود واحد.
وقال المثبتون : إلزام الحال علينا نقضا غير متوجه فإن العموم والخصوص في الحال كالجنسية والنوعية في الأجناس والأنواع فإن الجنسية في الأجناس ليس جنسا حتى يستدعي كل جنس جنسا ويؤدي إلى التسلسل ، وكذلك النوعية في الأنواع ليست نوعا حتى يستدعي كل نوع نوعا فكذلك الحالية للأحوال لا تستدعي حالا فيؤدي إلى التسلسل وليس يلزم على من يقول الوجود عام أن يقول للعام عام ، وكذلك لو قال العرضية جنس فلا يلزمه أن يقول للجنس جنس ، وكذلك لو فرق فارق بين حقيقة الجنس والنوع وفصل أحدهما عن الثاني بأخص وصف لم يلزمه أن يثبت اعتبارا عقليا في الجنس هو كالجنس ووجها عقليا هو كالنوع ، فلا يلزم الحال علينا بوجه لا من حيث العموم والخصوص ولا من حيث الاعتبار والوجه وأنتم معاشر