أحدهما : «الرقيب والأمين يُلزَم به العامل لئلا يخون فيما يجبي ، يقال : أرسله ضاغطاً على فلان ، سمّي بذلك لتضييقه على العامل» (١) ، وهذا المعنى هو القريب المتبادر من كلام معاذ بقرينة السؤال عن العراضة ، أي الهدية.
والآخر : هو الحافظ الأمين أي : الله عزوجل ، وهذا المعنى البعيد هو المراد بقول معاذ ، ولكنّه أوهم زوجته بالأوّل.
وممّا سوّغ ذكره هنا على الرغم من أنّ التورية غير التقية هو أنّ التورية تشترك مع التقية في التخلّص من الضرر عند الإكراه أو الاضطرار ، وتُقدّم على التقية ما أمكن ، كما تشتركان في أنهما عبارة عن إظهار شيء غير مراد أصلاً.
وسبب آخر سوّغ ذلك هو أنّ بعض الكتّاب حمل ما ورّى به الإمام الصادق عليهالسلام عن نفسه في بعض أحاديث الكافي على التقية ، من ذلك قول الصادق عليهالسلام لمن سأله من الزيدية : «أفيكم إمام مفترض الطاعة؟ فقال : لا .. الحديث» (٢).
فالمقصود : ليس فينا إمام مفترض الطاعة بزعمكم. أو ليس من بني فلان من أولاد عليّ عليهالسلام مفترض الطاعة ، وإلا ففرض طاعتهم قد نصّ عليها القرآن ، والنبي الأكرم ، وأحاديثهم هم عليهمالسلام في فرض طاعتهم لا سيّما عن الإمام الصادق لا تكاد تحصى كثرة.
وقد ناقشنا هذا الحديث وسائر أحاديث الكافي الاخرى التي تَوجّه لها طعن
__________________
(١) لسان العرب / ابن منظور ٦٧ : ٨ ضغط.
(٢) اصول الكافي ١٨١ : ١ / ١ كتاب الحجّة ، باب ما عند الأئمّة عليهمالسلام من سلاح رسول الله (ص) ومتاعه.