كان يصلي خلف الحجاج بن يوسف الثقفي ..» (١).
فصلاة ابن عمر خلف هؤلاء مما لا يمكن انكارها ، كما لا يمكن ان تكون بغير تقية. قال الفقيه الحنبلي ابن قدامة (ت / ٦٢٠ ه) : «لا تجوز الصلاة خلف المبتدع والفاسق في غير جمعة وعيد ، يصليان بمكان واحد من البلد ، فإن من خاف منه إن ترك الصلاة خلفه ، فانه يصلي خلفه تقية ثمّ يعيد الصلاة».
وقد ذكر أثراً صحيحاً عن النبي (ص) في مقام الاحتجاج به على صحة قوله ، وهو ما اخرجه عن جابر بن عبد الله الأنصاري (ت / ٧٨ ه) قال : «سمعت النبي (ص) على منبره يقول : لا تؤُمَّنّ امرأة رجلاً ، ولا يؤمّ أعرابي مهاجراً ، ولا يؤمّ فاجر مؤمناً إلا ان يقهره بسلطانه أو يخاف سوطه أو سيفه» (٢).
ومن تقيته أيضاً ما أخرجه الهيثمي (ت / ٨٠٧ ه) عن مجاهد بن جبر ، عن ابن عمر قال : «سمعت الحجاج يخطب ، فذكر كلاماً انكرته ، فأردت أن أُغيّر ، فذكرت قول رسول الله (ص) : لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه ، قال : قلت : يا رسول الله كيف يذل نفسه ، قال : يتعرض من البلاء لما لا يطيق» (٣).
أقول : هكذا يجب ان تفهم تقية الصحابي ابن عمر من معاوية ويزيد وولاتهما ، لا أن يُلجأ إلى الاحتجاج بما رواه ابن عمر عن رسول الله (ص) انّه
__________________
(١) شرح العقيدة الطحاوية / القاضي الدمشقي ٥٣٠ : ٢.
(٢) المغني / ابن قدامة ١٨٦ : ٢ ، ١٩٢ ، وانظر سنن ابن ماجة ٣٤٣ : ١ (نقلاً عن بحث التقية في آراء علماء المسلمين للشيخ عباس علي براتي ص ٨٢ ، منشور في مجلة رسالة الثقلين العدد الثامن ، السنة الثانية / ١٤١٤ ه ، اصدار المجمع العالمي لأهل البيت عليهمالسلام قم المقدسة).
(٣) كشف الأستار عن زوائد مسند البزاز على الكتب الستة / نور الدين الهيثمي ١١٢ : ٤ / ٣٣٢٣.