عامر بن لؤي في ثلاثة آلاف رجل ، فقال له سِر حتى تمر بالمدينة فاطرد أهلها ، وأخف من مررت به ، وانهب مال كل من أصبت له مالاً ممن لم يكن دخل في طاعتنا ، وأوهِم أهل المدينة أنك تريد أنفسهم ، وأنه لا براءة لهم عندك ولا عذر ، وسر حتى تدخل مكة ، ولا تعرض فيها لأحد ، وأرهِب الناس فيما بين مكة والمدينة ، واجعلهم شرادات ، ثمّ امضِ حتى تأتي صنعاء ، فإن لنا بها شيعة وقد جاءني كتابهم.
فخرج بُسر ، فجعل لا يمرّ بحيٍّ من أحياء العرب إلا فعل ما أمر معاوية ، حتى قدم المدينة ، وعليها أبو أيوب الأنصاري فتنحى عن المدينة ، ودخل بسر فصعد المنبر ثمّ قال :
يا أهل المدينة مثل السوء لكم : (قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) (١) ، ألا وإنّ الله قد أوقع بكم هذا المثل ، وجعلكم أهله. شاهت الوجوه ، ثمّ ما زال يشتمهم حتى نزل!
قال فانطلق جابر بن عبد الله الأنصاري إلى امّ سلمة زوج النبي ، فقال : إني خشيت أن أُقتل ، وهذه بيعة ضلال؟
قالت : إذاً فبايع ، فإن التقية حملت أصحاب الكهف على أن كانوا يلبسون الصلب ، ويحضرون الأعياد مع قومهم.
وهدم بسر دوراً بالمدينة ، ثمّ مضى حتى أتى مكة ، ثمّ مضى حتى أتى
__________________
(١) النحل : ١٦ / ١١٢.