اليمن» (١) إلى آخر ما ذكره من جرائم بسر بن أرطاة.
وفي رواية ابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي (ت / ٦٥٦ ه) أكثر وضوحاً لتقية جميع الأنصار والمهاجرين من بسر.
قال : «.. ودخل بُسر المدينة ، فخطب الناس وشتمهم وتهددهم يومئذ وتوعدهم ، وقال : شاهت الوجوه! إنّ الله تعالى يقول : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها) الآية ، وقد أوقع الله تعالى ذلك المثل بكم وجعلكم أهله الى أن قال ثمّ شتم الأنصار ، فقال : يا معشر اليهود وابناء العبيد : بني زُرَيق ، وبني النجار ، وبني سَلِمة ، وبني عبد الأشهل ، أمَا والله لأُوقعنّ بكم وقعة تشفي غليل صدور المؤمنين .. ودعا الناس إلى بيعة معاوية فبايعوه ... وتفقد جابر بن عبد الله ، فقال : ما لي لا أرى جابراً! يا بني سلمة لا أمان لكم عندي ، أو تأتوني بجابر ، فعاذ جابر بام سلَمة رضي الله عنها ، فأرسلت إلى بُسر بن أرطاة ، فقال : لا أؤمّنه حتى يبايع ، فقالت له ام سلمة : اذهب فبايع ، وقالت لابنها عمر : اذهب فبايع ، فذهبا فبايعاه» (٢).
ثمّ روى عن وهب بن كيسان كيف ان جابراً توارى من بسر ، وكيف عاد إليه فبايعه وفيه انه قال : «فلما امسيت دخلت على امّ سلمة فأخبرتها الخبر ، فقالت : يا بنيّ ، انطلق فبايع ، احقن دمك ودماء قومك ، فإني قد أمرت ابن أخي ان يذهب فيبايع ، واني لأعلم أنها بيعة ضلال» (٣).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ١٩٧ : ٢ ١٩٩.
(٢) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد ٩ : ٢ ١٠.
(٣) شرح نهج البلاغة ١٠ : ٢ ، وفي هامشه : «في تاريخ الطبري : فقال لها : ما ذا ترين؟ إنّي خشيت أن اقتل ، وهذه بيعة ضلالة ، فقالت : أرى أن تبايع ، فإنّي قد أمرت ابني /