وهكذا كان جابر رضي الله عنه ، يرى ان لا جناح عليه في طاعة الظالم اذا اكرهه على التقية ، قال السرخسي الحنفي (ت / ٩٢ ه) : «وعن جابر رضي الله عنه ، قال : لا جناح عليّ في طاعة الظالم إذا أكرهني عليها أي : التقية» (١).
٣٠ ـ القاضي شريح (ت / ٧٨ ه) :
عند ما أُدخل هانئ بن عروة رحمهالله على عبيد الله بن زياد والي الكوفة سنة ٦٠ ه طالبه بمسلم بن عقيل بن أبي طالب عليهالسلام ، وكان في داره ثمّ انتهى الامر إلى ان هشّم ابن زياد وجه هانئ رحمهالله بعمود من حديد واودعه السجن ، قال المؤرخ لوط بن يحيى : «وبلغ عمرو بن الحجاج أنّ هانئاً قد قُتل ، فأقبل في مذحج حتى أحاط بالقصر ، ومعه جمع عظيم ، ثمّ نادى : أنا عمرو بن الحجاج ، هذه فرسان مذحج ووجوهها لم تخلع طاعة ولم تفارق جماعة ، وقد بلغهم أنّ صاحبهم يُقتل ، فاعظموا ذلك.
فقيل لعبيد الله : هذه مذحج بالباب ، فقال لشريح القاضي : ادخل على صاحبهم فانظر إليه ، ثمّ اخرج فاعلمهم أنه حيّ لم يقتل ، وأنك قد رأيته.
فدخل إليه شريح فنظر إليه».
وقد حدّثَ شريح إسماعيل بن طلحة عن تقيته في ذلك اليوم فقال : «دخلت على هانئ فلما رآني ، قال : يا الله يا للمسلمين أهلَكَت عشيرتي؟ فأين أهل الدين؟ وأين أهل المصر؟ تفاقدوا يخلوني وعدوهم وابن عدوهم!!
والدماء تسيل على لحيته ، إذ سمع الرجة على باب القصر ، وخرجت ،
__________________
عمر بن أبي سلمة أن يبايع ، وأمرت ختني عبد الله بن زمعة ...».
(١) المبسوط / السرخسي ٤٧ : ٢٤.