وقد اثبت الرازي الشافعي بطلان جميع الوجوه التي احتج بها من ذهب إلى هذا الرأي من الفقهاء ، واحتمل أن يكون خبر الصحابي أنس قد صدر تقية منه لانه كان يخشى الأمويين ، لا سيما وانه ادرك من ظلمهم ما يزيد على خمسين سنة ، ويؤيده ائتمامه بهم ، وأنى للمأموم أن يخالف الإمام فيما يقرأ؟
قال الرازي الشافعي في المسائل الفقهية المستنبطة من الفاتحة ، في الجواب عن خبر أنس بن مالك أنه ليس البسملة من الفاتحة ما نصه :
«والجواب عن خبر أنس من وجوه :
الأول : قال الشيخ أبو حامد الإسفرائيني : روي عن أنس في هذا الباب ست روايات. أما الحنفية فقد رووا عنه ثلاث روايات :
احداها : قوله : صليت خلف رسول الله (ص) ، وخلف أبي بكر ، وعمر ، وعثمان فكانوا يستفتحون الصلاة ب (الحمدُ للهِ ربّ العالَمِين).
وثانيتها : قوله : إنهم ما كانوا يذكرون (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).
وثالثتها : قوله : لم أسمع أحداً منهم قال : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، فهذه الروايات الثلاث تقوي قول الحنفية ، وثلاث اخرى تناقض قولهم.
احداها : ما ذكرنا إنّ أنساً روى أن معاوية لما ترك (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) في الصلاة ، أنكر عليه المهاجرون والأنصار ، وقد بينا إن هذا يدل على أن الجهر بهذه الكلمات كالأمر المتواتر فيما بينهم.
وثانيتها : روى أبو قلابة ، عن أنس أن رسول الله (ص) ، وأبا بكر ، وعمر كانوا يجهرون ب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).