مطاردة زياد بن أبيه (ت / ٥٣ ه) للفرزدق الشاعر العربي المشهور (ت / ١١٠ ه) ، وفي هذه السنة هام الفرزدق على وجهه في البراري مختفياً خائفاً من أن يدركه الطلب ، لا سيما وقد أباح زياد دمه ، إلى أنّ وصل الفرزدق إلى أخواله من بني ضبّة ، ثمّ أدركه الطلب وهو فيهم ، فأخفوه ، وأنكروا بعد أن سُئلوا عنه أن يكون لهم علم به ، وقالوا : ما رأيناه (١).
ولم ينكر عليهم أحد على طول التاريخ بأنهم كذبوا وقالوا خلاف الواقع ، بل على العكس كان قولهم هذا مما يستحسنه العقلاء في كل آن وزمان ، وهو مما وجب عليهم شرعاً ، وإلا لكانوا من الآثمين اتفاقاً ، وهكذا كان للتقية فضلها في عصمة دم الفرزدق.
٣٣ ـ صعصعة بن صوحان (ت / ٥٦ ه) :
من كبار التابعين ، شهد صفين مع علي عليهالسلام ، وكان يوصي بالتقية ، فقد قال لُاسامة بن زيد الصحابي المعروف (ت / ٥٤ ه) : «خالص المؤمن وخالق الكافر ، إنّ الكافر يرضى منك بالخلق الحسن» (٢).
وهذا القول يؤكد صحة ما مرّ سابقاً ، من أنّ التقية لا تكون خوفاً من المؤمن اطلاقاً ، لأنّ المؤمنين إخوة ، والمؤمن مرآة المؤمن ، وإنما تكون من الكافر ، بل ومن المسلم الذي تخشى بوادره ولا يطمأن إلى جانبه.
٣٤ ـ مسروق بن الأجدع (ت / ٦٤ ه) :
روي أنّ معاوية بن أبي سفيان (ت / ٦٠ ه) كان قد بعث بتماثيل من صفر
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢١٣ : ٣ في حوادث سنة ٥٠ ه.
(٢) البحر المحيط / أبو حيّان ٤٢٣ : ٢.