ممّا بين الله تعالى والعبد ، وأمّا غير ذلك فلا يعني عدم جواز التقية فيه مع الخوف من القتل ، كما يفهم من عبارة ابن العربي المالكي ، قال في تفسير قوله تعالى : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ) (١) ، هذا : «دليل على نسبة الفعل الموجود من المُلجإ المكرَه إلى الذي ألجأه واكرهه ، ويترتّب عليه حكم فعله ، ولذلك قال علماؤنا : إنّ المكرِه على اتلاف المال يلزمه الغرم ، وكذلك المكرِه على قتل الغير يلزمه القتل» (٢).
بمعنى أنّ التقيّة في إتلاف المال جائزة ، ولكن الغرم يكون على من أكره على الاتلاف.
امّا القتل فلا يجوز تقية ، ويقتل القاتل كما صرّح به آنفاً ولكن القصاص يسري إلى المكرِه فيُقتل أيضاً.
أمّا أبو حيّان الأندلسي المالكي (ت / ٧٥٤ ه) فيرى صحّة التقية من كل غالب يكره بجور منه ، فيدخل في ذلك الكفّار ، وجورة الرؤساء ، والسلابة ، وأهل الجاه في الحواضر. كما تصحّ التقية عنده في حالة الخوف على الجوارح ، والضرب بالسوط ، والوعيد ، وعداوة أهل الجاه الجورة ، وانّها تكون بالكفر فما دونه ، من بيع وهبة ونحو ذلك (٣).
وقد فصّل القرطبي المالكي (ت / ٦٧١ ه) القول فيما تصحّ فيه التقيّة ، وسنذكر مع الاختصار بعض ما ذكره ، على النحو الآتي :
١ ـ تجوز التقية في تلفّظ كلمة الكفر ولا شيء على المكره مع اطمئنان القلب
__________________
(١) أحكام القرآن / ابن العربي ١٢٩٨ : ٣.
(٢) م. ن ١٢٩٨ : ٣.
(٣) البحر المحيط / أبو حيان ٤٢٤ : ٢.