«والعذر في التقيّة في الدين فيما يجوز ، كالعذر في التقية في النفس فيما يجوز ... ومن كان في حال التقية جاز له أن يدعو لمن لا يتولاه بما يدعو به لأهل الولاية ، ويعقد المعنى لغيره» (١).
ثمّ نقل عن الأزكوي المتقدّم قوله : «إن الجُبن في مواطن الحقّ نفاق» وعقبه بقوله : «من غير تقية تسعُهُ وتجوّز له ، وهو قادر على ذلك ... وأمّا إن كان الجُبن غريزة فيه لا يقدر على القيام بذلك العارض من الحقّ ، أو كان الحقّ غير واجب عليه ، أو كان في حال تقية توسّع بها ممّا يسعه في دين أو نفس أو مال ... انّ هذا لا يكون من النفاق ، وإنّما النفاق ما أوجب الكفر من ركوب المعصية ، وترك شيء من اللازم ، أو ركوب شيء من المحارم بغير عذر له في الدين» (٢).
وقال في مكان آخر : «ومن كان في حال التقية أو في غير حال التقية ، ولقي كافّة الخلق بأحسن ما يقدر عليه ، ما لم يضيع حقّاً لله في حال ذلك بدخوله في باطل ، أو خروجه من حقّ ، فهو معنا من أفضل الأعمال ، وأحسن الأحوال ، من الوسائل والفضائل ، وربّما كان ذلك من الواجب اللازم ، ولا شكّ أنّه من المروءة والمكارم» ، ثمّ ضرب لذلك بعضاً من السيرة النبويّة المطهّرة ، إلى أن قال : «وقد كان النبيّ (ص) في حال التقية وحال قدرة» (٣).
ثمّ قال : «وروي عن بعض أهل العلم انّه كان يكتب إلى بعض من كان فسقه ظاهراً مع الناس وأحسب انّه كان من أعوان السلطان ، وكان في كتابه : حباك الله وحفظك ...» ثمّ بيّن أنّ هذا القول لا يجوز أن يقال إلا على
__________________
(١) المعتبر / أبو سعيد الإباضي ٢١٦ : ١.
(٢) م. ن ٢١٨ : ١.
(٣) م. ن ٢١٣ : ١ ٢١٤.