ما نصّه : «واتاهم : أصله آتاهم ، بالهمزة ، ثمّ قُلبت الهمزة واواً ، والإيتاء معناه : الإعطاء ، أي : وافقوا المشركين على ما أرادوا منهم تقية ، والتقية في مثل هذه الحال جائزة لقوله تعالى : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (١)».
أما الطبري (ت / ٣١٠ ه) فقال : «إن هذه الآية نزلت في عمّار بن ياسر وقوم كانوا أسلموا ، ففتنهم المشركون عن دينهم ، فثبت على الإسلام بعضهم ، وافتتن بعض».
ثمّ أخرج هذا المعنى عن ابن عباس (ت / ٦٨ ه) أنّه قال : «وذلك أنّ المشركين أصابوا عمّار بن ياسر ، فعذّبوه ثمّ تركوه ، فرجع إلى رسول الله (ص) فحدّثه بالذي لقي من قريش ، والذي قال ، فأنزل الله تعالى ذكره عذره».
كما أخرج ذلك عن قتادة (ت / ١١٨ ه) أنّه قال : «إنّها نزلت في عمّار بن ياسر ، أخذه بنو المغيرة فغطوه في بئر ميمون ، وقالوا : أُكفر بمحمّد ، فتابعهم على ذلك وقلبه كاره ، فأنزل الله تعالى ذكره : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ)».
وأخرج عن أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار بن ياسر أنّه قال : «أخذ المشركون عمّار بن ياسر فعذّبوه حتى باراهم في بعض ما أرادوا ، فشكا ذلك إلى النبيّ (ص) ، فقال النبيّ : كيف تجد قلبك؟ قال : مطمئناً بالإيمان ، قال النبيّ (ص) فإن عادوا فعد».
ثمّ عقّب الطبري بقوله : «فتأويل الكلام إذاً : من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أُكره على الكفر ، فنطق بكلمة الكفر بلسانه ، وقلبه مطمئن بالإيمان ،
__________________
(١) سنن ابن ماجة ٥٣ : ١ ، ١٥٠ / باب ١١ ، هامش رقم ١.