وقال ابن الجوزي الحنبلي (ت / ٥٩٧ ه) في تفسيرها : «الإكراه على كلمة الكفر يبيح النطق بها ، وفي الإكراه المبيح لذلك ، عن أحمد روايتان :
إحداهما : أنه يخاف على نفسه ، أو على بعض أعضائه التلف إن لم يفعل ما امر به» (١).
وقال الرازي الشافعي (ت / ٦٠٦ ه) : «وفي الآية مسائل ..» وقد ذكر في المسألة الثانية قصّة عمار بن ياسر رضي الله عنه ، وأنّه قيل بشأنه لرسول الله (ص) : «يا رسول الله! إنّ عمّاراً كفر. فقال : (كلا ، إنّ عمّاراً مُلئ إيماناً من فرقه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه) ، فأتى عمار رسول الله (ص) وهو يبكي ، فجعل رسول الله (ص) يمسح عينيه ويقول : (ما لك؟ إن عادوا لك ، فعُد لهم بما قلت).
ثمّ قال : ومنهم جبر مولى الحضرمي أكرهه سيده فكفر ، ثمّ أسلم مولاه وحسن إسلامهما وهاجرا» (٢).
وقد بيّن مراتب الإكراه في المسألة السابعة ، ولأهميتها نذكر ما قال :
«المرتبة الأُولى : أن يجب الفعل المكره عليه ، مثل ما إذا أكرهه على شرب الخمر ، وأكل الخنزير ، وأكل الميتة ، فإذا أكرهه عليه بالسيف ، فها هنا يجب الأكل ، وذلك لأنّ صون الروح عن الفوات واجب .. لقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٣).
المرتبة الثانية : أن يصير ذلك الفعل مباحاً ، ولا يصير واجباً ، ومثاله ما إذا
__________________
(١) زاد المسير / ابن الجوزي ٤٩٦ : ٤.
(٢) التفسير الكبير / الفخر الرازي ١٢١ : ٢٠.
(٣) البقرة ١٩٥ : ٢.