وقال المفسّر السُّنّي نظام الدين الحسن بن محمّد القمّي النيسابوري (ت / ٨٥٠ ه) : «والمعنى : إنّما يفتري الكذب من كفر ، واستثنى منهم المكره ، فلم يدخل تحت الافتراء .. وإنّما صحّ استثناء المكره من الكافر مع أنّه ليس بكافر ، لأنّه ظهر منه بعد الإيمان ما مثله يظهر من الكافر طوعاً ، فلهذه المشاكلة صحّ الاستثناء.
قال ابن عباس : نزلت في عمار بن ياسر» (١).
ثمّ تطرّق إلى بعض مسائل التقية ، منها : التقية في الدماء ، والزنا ، فقال : «ومنها : لا يجب ولا يباح بل يحرم ، كما إذا اكرِه على قتل إنسان ، أو على قطع عضو من أعضائه ، فها هنا يبقى الفعل على الحرمة الأصلية ، وحينئذٍ لو قتل ، فللعلماء قولان :
أحدهما : لا يلزم القصاص. وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي في أحد قوليه ، لأنّه قتله دفعاً عن نفسه فأشبه قتل الصائل ..
وثانيهما : وبه قال أحمد والشافعي في أصحّ قوليه : إنّ عليه القصاص لأنّه قتله عدواناً لاستبقاء نفسه» (٢).
ثمّ نقل النيسابوري عن أبي حنيفة (ت / ١٥٠ ه) أنّه قال : لو أكره السلطان أحداً على الزنا فزنى ، لم يجب على الزاني الحدّ ، ولو أكرهه بعض الرعية وجب (٣).
__________________
(١) غرائب القرآن ورغائب الفرقان / النيسابوري ١٢٢ : ١٤.
(٢) م. ن ١٢٣ : ١٤.
(٣) م. ن ١٢٤ : ١٤.