إذاً التقية وبموجب هذا القول ونظائره المتقدّمة تصحّ في الدماء وهتك الأعراض!!
وقال ابن حجر العسقلاني الشافعي (ت / ٨٥٢ ه) : «وأما من أُكرِه على ذلك فهو معذور بالآية ، لأنّ الاستثناء من الإثبات نفي ، فيقتضي أن لا يدخل الذي اكرِه على الكفر تحت الوعيد ، والمشهور : إنّ الآية المذكورة نزلت في عمار بن ياسر ، كما جاء من طريق أبي عبيدة بن محمّد بن عمار بن ياسر ، قال : أخذ المشركون عماراً فعذّبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا ...» (١).
وأخرج عن الطبري (ت / ٣١٠ ه) ما رواه بسنده عن ابن عباس (ت / ٦٨ ه) أنّه قال : «أخبر الله أنّ من كفر بعد إيمانه فعليه غضب من الله ، وأمّا من اكرِه بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوّه ، فلا حرج عليه ، إن الله إنّما يأخذ (يُؤاخذ) العباد بما عقدت عليه قلوبهم» (٢).
أمّا الشربيني الشافعي (ت / ٩٧٧ ه) فقد علّق على ما أفتى به النووي الشافعي (ت / ٦٧٦ ه) بعدم ردّه المُكرَه على الكفر بقوله بعد أن استدلّ بالآية المتقدّمة : «لا يكون مرتداً ، لأنّ الإيمان كان موجوداً قبل الإكراه ، وقول المُكرَه ملغى ما لم يحصل فيه اختيار لما اكرِه عليه ، كما لو اكرِه على الطلاق ، فإنّ العصمة كانت موجودة قبل الإكراه ، فإذا لم يحصل منه اختيار لما اكرِه عليه لم يقع عليه طلاق» (٣).
__________________
(١) فتح الباري / ابن حجر العسقلاني ٢٦٢ : ١٢.
(٢) م. ن ٢٦٣ : ١٢.
(٣) مغني المحتاج في شرح المنهاج / الشربيني ١٣٧ : ٤ مطبوع بهامش منهاج الطالبين للنووي. وانظر : منهاج الطالبين ١٣٧ : ٤ و ١٧٤ : ٤.