أبوال الإبل عند بعضهم ، وروث ما يؤكل لحمه عند آخرين. والجهة الأخرى من طريق الطّعم والمذاق ؛ ولا ينكر أن يكون كره ذلك لما فيه من المشقة على الطّباع وكراهية النفوس لها (١).
(ه) ومنه الحديث «من أكل من هذه الشجرة الْخَبِيثَةِ فلا يقربنّ مسجدنا» يريد الثّوم والبصل والكرّاث ، خُبْثُهَا من جهة كراهة طعمها وريحها ؛ لأنها طاهرة وليس أكلها من الأعذار المذكورة فى الانقطاع عن المساجد ، وإنما أمرهم بالاعتزال عقوبة ونكالا ؛ لأنه كان يتأذّى بريحها.
(س) ومنه الحديث «مهر البغىّ خَبِيثٌ ، وثمن الكلب خَبِيثٌ ، وكسب الحجّام خَبِيثٌ» قال الخطّابى : قد يجمع الكلام بين القرائن فى اللفظ ويفرق بينها فى المعنى ، ويعرف ذلك من الأغراض والمقاصد. فأما مهر البغىّ وثمن الكلب فيريد بالخبيث فيهما الحرام لأن الكلب نجس ، والزنا حرام ، وبذل العوض عليه وأخذه حرام. وأما كسب الحجّام فيريد بالخبيث فيه الكراهة ، لأن الحجامة مباحة. وقد يكون الكلام فى الفصل الواحد بعضه على الوجوب ، وبعضه على النّدب ، وبعضه على الحقيقة ، وبعضه على المجاز ، ويفرق بينها بدلائل الأصول واعتبار معانيها.
وفى حديث هرقل «أصبح يوما وهو خَبِيثُ النّفس» أى ثقيلها كريه الحال.
ومنه الحديث «لا يقولنّ أحدكم خَبُثَتْ نفسى» أى ثقلت وغثت ، كأنه كره اسم الخبث.
(ه) وفيه «لا يصلّين الرجل وهو يدافع الْأَخْبَثَيْنِ» هما الغائط والبول.
(س) وفيه «كما ينفى الكير الْخَبَثَ» هو ما تلقيه النار من وسخ الفضّة والنّحاس وغيرهما إذا أذيبا. وقد تكرر فى الحديث.
(ه) وفيه «إنه كتب للعدّاء بن خالد ـ اشترى منه عبدا أو أمة ـ لاداء ، ولا خِبْثَة ، ولا غائلة» أراد بِالْخِبْثَة الحرامَ ، كما عبّر عن الحلال بالطّيّب. والْخِبْثَة : نوع من أنواع الْخَبِيثِ ، أراد أنّه عبد رقيق ، لا أنه من قوم لا يحل سبيهم ، كمن أعطى عهدا أو أمانا ، أو من هو حرّ فى الأصل.
__________________
(١) قال فى الدر النثير : قلت : فسر فى رواية الترمذى بالسم.