والرّجال لظهر وانتشر ، ولعرف الملقّن له ، والموقف عليه ، وزمان طلبه ، والاختلاف إلى أهله ، لا سيّما مع البحث والتنقير والتفتيش ، وإنّ العادات بهذا جارية (١) ـ ممّا لا يجوز أن يكل الله تعالى من ألزمه العلم بالنّبوّة إليه ، ويعوّل به (٢) عليه ؛ لأنّ أكثر ما فيه أن يكون ما ذكروه أشبه وأولى ، وليس يكون دليلا على النّبوّة إلّا ما أوجب اليقين المحض ، ورفع كلّ شكّ وتجويز. ومتى لم يكن هذا لم ينقطع عذر المكلّف به.
على أنّ الخبر عن الظّاهر من الأمور الماضية لا يوصف بأنّه خبر عن غيب ، وإنّما يوصف بذلك الإخبار عن الحوادث المستقبلة الّتي قد جرت العادة بأنّ البشر لا يحيطون علما بها ، ولا طريق لهم إلى معرفتها بالنّظر في النجوم وما جرى مجراها. وإن علموها فعلى طريق الجملة ، ويردّ الخبر عنها على سبيل التفصيل.
وقد يكون الإخبار عمّا مضى إخبارا عن غيوب ، إذا كانت واردة بما قد علم خفاؤه ، وفقد الاطّلاع عليه ، نحو الخبر عمّا (٣) أضمره الإنسان في قلبه ، وعرض (٤) عليه من فعله ، ولم يفشه إلى غيره ، أو ممّا فعله متفرّدا به ومستسرّا بفعله.
وليس في أخبار القرآن ما يجري هذا المجرى ، وإن كان في أخباره صلىاللهعليهوآله الخارجة عن القرآن ما يلحق بما ذكرناه ، فهو غير مخلّ بكلامنا ؛ لأنّنا إنّما نتكلّم فيما تضمّنه القرآن من الأخبار. وإذا لم يكن ذلك فيها صحّ ما أوردناه ، ووضح
__________________
(١) قال المصنّف رحمهالله في كتابه الذخيرة / ٤٠٣ : «فإذا قيل : لو كان ذلك لظهر وانتشر ، قيل : يمكن أن يقع على وجه من الخفاء لا يظهر. ثمّ أكثر ما يدّعى في وجوب ظهور ذلك ـ لو كان عليه ـ الظنّ ، فأمّا العلم اليقين المقطوع به فلا يجب حصوله».
(٢) في الأصل : بهم ، والمناسب ما أثبتناه.
(٣) في الأصل : ممّا ، وما أثبتناه هو المناسب.
(٤) كذا في الأصل ، ولعلّه : غمض.