عن زيادة الحرّ والبرد ونقصانهما ، ووفور الأمطار والأنداء أو قلّتهما. وكلّ هذا على طريق الجملة.
فأمّا ما يصيبون فيه ولا يكادون أن يخطئوا فيما يجري مجرى التفصيل ، فهو أيضا مضبوط محصور قد عرف النّاس طريقه ووجهه ، وأنّه الحساب الّذي يدلّهم على كسوف القمر في وقت معيّن وبرج محدود ، وطلوع الكوكب أو غروبه في زمان بعينه.
ولو كانت غيره من الأحكام الّتي تدّعونها تجري ـ في أنّ الحساب طريق إليها ودالّ عليها ـ مجراه لوجب أن توجد فيه الإصابة ، ويفقد الخطأ ، كما وجدناه في الخبر عن كسوف الكواكب وغروبها ، أو تكثر الإصابة ويقلّ الخطأ. وقد وجدنا الأمر فيما يحكمون عليه وينذرون به بالضدّ من هذا ؛ لأنّ الإصابة فيه هي القليلة والخطأ هو الكثير ، وأنّ [ما] يقع من إصابتهم فيها الأقرب ممّا يقع من المخمّن والمرجّم الّذي لا يرجع في قوله إلى أصل ، ولا ينظر في دليل.
وإذا صحّ ما ذكرناه ، وورد القرآن بأخبار عن حوادث مستقبلة مفصّلة ووقعت مخبراتها (١) بحسب الأخبار ، فيجب أن تكون دلالة أو معجزة ؛ لخروجها عن العادة وعمّا يتمكّن البشر منه ويصلون إليه.
فمنها : قوله تعالى في انهزام المشركين ببدر : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (٢).
وقوله تعالى : (الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) (٣).
وقوله تعالى : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ
__________________
(١) في الأصل : غيرانها ، وما أثبتناه هو المناسب للسياق.
(٢) سورة القمر : ٤٥.
(٣) سورة الروم : ١ ـ ٣.