الخلفاء ، وتفضيل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام على غيره ، وأمور أخرى تعدّ من ركائز مذاهب أهل السنّة. والنسبة إليه جاءت من عبد القاهر البغداديّ في كتاب الفرق بين الفرق ، وأصول الدين ، نقلا عن الانتصار للخيّاط ، وهو عن ابن الراونديّ الذي نقل أقواله وطعونه على النظّام في كتابه ، تمهيدا للردّ عليه وتكذيب ما نسب إلى النظّام. ويبدو أنّ تفاصيل مذهب النظّام لم تكن معروفة على وجه الدقّة (١) ، يقول الشريف المرتضى في بداية الفصل الذي عقده للبحث عن موضوع الصّرفة ، في كتابه «الذخيرة» (٢) : «وقد حكي عن أبي إسحاق النظّام القول بالصّرفة ، من غير تحقيق لكيفيّتها ، وكلام في نصرتها».
ومهما كانت درجة صحّة النسبة ، فإنّ الثابت هو بروز أصل الفكرة في تلك الفترة ، وأنّ هناك من المتكلّمين من كان يقول : إنّ نظم القرآن وحسن تأليف كلماته ليس بمعجزة للنبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولا دلالة على صدقه في دعواه النبوّة ... أو أن نظم القرآن وحسن تأليف آياته ، فإنّ العباد قادرون على مثله ، وما هو أحسن منه في النظم والتأليف (٣).
إنّ إطلاق هذا الرأي أدّى إلى أن يقدم جماعة من المتكلّمين ـ سواء من الأشاعرة أو المعتزلة ـ على تدوين كتب ورسائل في الدفاع عن معجزيّة نظم
__________________
(١) قال المستشرق JBouman : إنّ النظّام ـ وفقا لتقارير الأشعريّ والخيّاط والبغداديّ ـ لم يقل بأنّ صرف الله الناس عن الإتيان بمثل القرآن (والذي عرف فيما بعد بالصّرفة اصطلاحا) معجزة ، وإنّما ذكر النظّام هذا الرأي جوابا لمن يسأل السؤال التالي : لما ذا لم يقلّد الأسلوب القرآنيّ تقليدا ناجحا على الصعيد العمليّ ، مع أنّه قابل للتقليد؟ راجع : مارتين مكدرموت ، نظريّات علم الكلام عند الشيخ المفيد / ١٣٤.
(٢) الذخيرة / ٣٧٨.
(٣) مذاهب الإسلاميّين لعبد الرحمن بدويّ / ٢١٣.