المنسوب إلى سيبويه في جمعه وترتيبه ، ولا معرفة له بشيء منه.
فإذا كان الشّكّ فيما ذكرناه يقرب من مذاهب السّوفسطائيّة ، وإن لم يكن بينه وبين ما ألزمناه فرق ، وجب فساد الاعتراض بذكر الجنّ.
فأوّل ما نقوله في الكلام على من تعلّق بهذه الطريقة :
إنّ سائلها لم يجب عمّا سئل عنه ، ولا انفعل ممّا ألزمه ، وإنّما عارض بما ظنّ أنّه لا فصل بينه وبين ما أورد عليه.
ولو قيل له : أذكر ما يؤمن من الجميع ، وأظهر له الشّك في الكلّ لافتقر ضرورة إلى الجواب ؛ اللهمّ إلّا أن يقول : إنّني أعلم ضرورة صحّة إضافة هذه الأشعار والكتب إلى من أضيفت إليه ، ولا يعترض شكّ في ذلك.
فيقال له حينئذ : أفتعلم أيضا ضرورة أنّ القرآن ليس من فعل الجنّ ، ولا يعترضك شكّ فيه؟
فإن قال : «نعم» ، كفى مئونة الاحتجاج ، ووجب عليه أن يجعل ذكر العلم الضّروريّ هو الجواب عمّا سئل عنه ، فلا يتشاغل بغيره!
ولو كان هذا معلوما ضرورة لما صحّ من العقلاء التّنازع فيه ، ولوجب أن يشتركوا في معرفته ، وليس هم كذلك.
فإن قال : لست أعلم ما ذكرتموه في القرآن ضرورة ، وإن كنت أعلم الأوّل.
قيل له : قد حججت نفسك ، لأنّ خصمك يقول لك : الفرق بين الموضعين هو العلم الضّروريّ الحاصل في أحدهما ، وتعذّره في الآخر.
على أنّ المعارضة أيضا موضوعة غير موضعها ؛ لأنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله لم يقل قطّ إنّ القرآن من فعله وإنّه المبتدئ به ، بل ذكر صلىاللهعليهوآله أنّ ملكا أنزله عليه بأمر ربّه ـ جلّت عظمته ـ على ما ذكرناه من قبل ، ولا ادّعى أحد من تابعيه أيضا له أنّه فعل القرآن.
وكيف يصحّ حمل ذلك على كتاب أو شعر ظهر من جهة رجل بعينه ادّعاه