وأنشدوا أيضا في هذا المعنى لأعشى بني سليم :
وما كان جنّيّ الفرزدق بارعا |
|
وما كان فيهم مثل خافي المخبّل |
وما في الخوافي مثل عمرو وشيخه |
|
ولا بعد عمرو [شاعر] (١) مثل مسحل |
وأراد بقوله : «الخوافي» الجنّ ، وواحدهم خاف ، سمّوا بذلك لخفائهم.
وقد قيل أيضا : إنّ الجنّ قتلت حرب بن أميّة (٢) ، ومرداس بن أبي عامر السّهميّ ، وأنّ السبب في ذلك إحراقهما شجرة بقرية (٣) ، وأنّهما لمّا أحرقاها سمعا هاتفا يقول :
ويل لحرب فارسا |
|
قد لبسوا القوانسا |
لتقتلن بقتله |
|
جحاجحا عنابسا |
وهذا الخبر معروف. وكذلك سعد بن عبادة (٤) ، قيل إنّ الجنّ قتلته ،
__________________
(١) البيت ناقص ، وأكملناه من الحيوان ٦ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧. والبيتان باختلاف في الأوّل.
(٢) هو حرب بن أميّة بن عبد شمس القرشيّ ، من سادات قومه ، وهو جدّ معاوية بن أبي سفيان. كان معاصرا لعبد المطّلب بن هاشم ، مات بالشام وتزعم العرب أنّ الجنّ قتلته بثأر حيّة.
(٣) في الأصل : شجرا بقربه ، والمناسب ما أثبتناه.
(٤) سعد بن عبادة بن دليم الخزرجيّ ، كان سيّد الخزرج وأحد الأمراء الأشراف في الجاهليّة ، شهد العقبة مع سبعين من الأنصار وأسلم ، وكان أحد النقباء الاثني عشر ، وشهد المواقف مع النبيّ صلىاللهعليهوآله. ولمّا توفّي رسول الله صلىاللهعليهوآله طمع في الخلافة خلافا لوصيّة رسول الله صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام ، ولم يبايع أبا بكر ، وعاداه وعادى عمر ، وهاجر من المدينة إلى الشام ، فبعث إليه عمر بن الخطّاب من يقتله.
قال ابن عبد ربّه الأندلسيّ في العقد الفريد ٥ / ١٤ : أبو المنذر هشام بن محمّد الكلبيّ ، قال : بعث عمر رجلا إلى الشام ، فقال : ادعه إلى البيعة ، واحمل له بكلّ ما قدرت عليه ، فإن أبى فاستعن الله عليه. فقدم الرجل الشام ، فلقيه بحوران في حائط ، فدعاه إلى البيعة ، فقال :