آخرون فأضافوها إلى غيره. واختلافهم في كتاب العين المنسوب إلى الخليل (١) والاغاني المنسوب إلى إسحاق (٢) ، معروف.
غير أنّ الطريق الذي سلكناه لا يوجب علينا الشّكّ في علم سيبويه بالنّحو ، وقدرة امرئ القيس وأمثاله على قول الشّعر ، وتجويز كون هذا جاهلا بالنّحو ، وهذا مفحما (٣) لا يستطيع نظم بيت من الشّعر ؛ لأنّا إنّما سلكنا في إضافة القصيدة بعينها إلى الشّاعر ، من حيث لم يكن لنا طريق يوصلنا إلى العلم بأنّه قائلها أكثر من قوله ودعواه.
وليس كذلك حال العلم بأنّ رجلا بعينه يقدر على نظم الشّعر ويعلم النّحو ؛ لأنّ الطريق إلى اختبار ذلك وامتحانه واضح لا ريب فيه ، ألا ترى أنّ من أتانا بقصيدة منظومة أو كتاب مصنّف في النّحو ، يجوز فيما أتى به أن يكون من نظم غيره وإن ادّعاه لنفسه ، ولا سبيل لنا إلى العلم بصدقه من جهة قوله ، ولا من قول من أضاف ذلك إليه ممّن يجري مجراه في جواز الكذب عليه.
ولنا سبيل إلى اختبار حاله في المعرفة بالنّحو والقدرة على قول الشّعر بأن نسأله عن مسائل النّحو المشكلة ، فإذا رأيناه يتصرّف في الجواب عنها والحلّ لمشكلها قطعنا على علمه بالنّحو.
وإذا أردنا امتحانه في الشّعر اقترحنا عليه أوزانا بعينها (٤) ، ومعاني مخصوصة ، فألزمناه أن ينظم ذلك بحضرتنا ، فإذا فعل وأردنا الاستظهار كرّرنا
__________________
(١) هو الخليل بن أحمد الفراهيديّ ، صاحب كتاب العين ، وهو أشهر من أن يعرّف.
(٢) هو إسحاق بن إبراهيم الموصليّ ، نسب اليه كتاب الأغاني كما نسب إلى أبي الفرج الأصبهانيّ. وكان لإسحاق كتاب بهذا الاسم مفقود. راجع مقدّمة الأغاني / ٣٧ ـ ٣٨.
(٣) بعدها في الأصل : مكنا (غير منقوطة) ، ولم يتبيّن لنا ما هي.
(٤) في الأصل : بعينه ، والمناسب ما أثبتناه.