والفرق بين أن يمكّن من الاستفساد ولا يمنع منه المنع الّذي يرتفع معه ، وبين أن يفعله هو الفرق بين أن يمكّن من القبيح ولا يمنع (١) منه ، وبين أن يتولّى فعله (٢).
ثمّ يقال له (٣) : خبّرنا أليس قد ضلّ بما ظهر من ماني (٤) ، وزرادشت (٥) ،
__________________
(١) في الأصل : منع.
(٢) أورد الشريف المرتضى رحمهالله هذه الشّبهة في كتابه الذخيرة / ٣٨٦ ، بقوله : «إنّ المنع من الشبهات وفعل القبائح في دار التكليف غير واجب ، وليس يجب إذا كان تعالى لا يستفسد أن يمنع من الاستفساد ، كما لا يجب إذا لم يفعل القبيح أن يمنع منه في دار التكليف».
(٣) قال المصنّف رحمهالله في كتابه الذخيرة / ٣٨٦ ـ ٣٨٧ : «أليس قد ضلّ بزرادشت وماني والحلّاج ، ومن جرى مجراهم من المنخرقين والملتمسين جماعة ، وفسدت بهم أديانهم ، فألّا منعهم الله تعالى من هذا الاستفساد ، إن كان المنع منه واجبا؟».
(٤) دجّال ظهر في القرن الثالث الميلاديّ ، كان أوّل أمره مجوسيّا ثمّ انقلب على المجوسيّة ، وبدأ ينشر فضائح كهنتها وأحبارها ، ثمّ أعلن نبوّته سنة ٢٤٢ م ، وكان له كتاب سمّاه «ارژنگ» ، يحتوي على مجموعة من الرسوم والصور الجميلة ، فبهر بها أعين الناس. انتشر مذهب المانويّة انتشارا وسيعا في بلاد فارس وأنحاء من آسيا وأوربا. يقال إنّ مذهبه متأثّر إلى حدّ بعيد بالبوذيّة والغنوصيّة والزرادشتيّة. حكم على ماني بالموت في بلاده ، وقاومت الزرادشتيّة والنصرانيّة مذهبه في بلاده وأنحاء من الإمبراطوريّة الرومانيّة ، فقضي عليها.
(٥) هو نبيّ المجوس ، ومؤسّس الديانة الزرادشتيّة أو المجوسيّة حوالي القرن ٧ و ٦ ق. م. كتابه المقدّس هو (الأقستا) أو (زند أقستا) ، وعماد الديانة المجوسيّة مبنيّ على صراع الخير والشرّ في العالم ، ويحيط الغموض بجوانب كثيرة من شريعة المجوس ، وقد أباد المسلمون حينما فتحوا بلاد فارس تراثهم وكتبهم المقدّسة ، ويصنّف الإسلام المجوسيّة في عداد أهل الكتاب من أهل التوحيد.