أو فعل من الأفعال لم يبن منهم إلّا به ، وهم طامعون في مساواته فيما أظهره و [فيما] يفسد أمره ، ويحلّ عقده ، ويبطل نظام رئاسته ؛ فإنّا نعلم أنّ ظهور هذه الحال في باب التحدّي والبعث على المساواة في الأمر الّذي تطلب (١) الرئاسة بسببه ، أبلغ وأقوى من التحدّي بالقول والتقريع باللّفظ ، حتّى يقطع متى لم يقع من هؤلاء الحسّاد والأعداء مثل هذا الفعل الّذي ذكرناه ، على قصورهم عنه وتعذّره عليهم ، كما يقطع على القصور والتعذّر متى وقع الطّلب بالقول والتحدّي باللّفظ.
فإن قيل : كيف يصحّ أن يكون إضافته عليه وآله السّلام الكتاب إلى ربّه وانتظاره نزول الملك به تحدّيا ، فطلبا من القوم المساواة فيه ، وأنتم تعلمون أنّ موسى عليهالسلام كان يدّعي في التوراة مثل ذلك ، ولم يكن متحدّيا بها ، ولا هي معجز عند كلّ أحد؟
قلنا : إنّا لم نجعل الإضافة وانتظار الوحي فقط هما المقتضيين للتّحدّي ، بل لوقوعهما على وجه الاحتجاج وادّعاء التميّز والتخصّص. وهذا معلوم من قصيده عليهالسلام ، وظاهر من حاله :
وموسى عليهالسلام لم يدّع قطّ نزول التّوراة على سبيل الاحتجاج على مخالفيه والإبانة منهم ، وإنّما كان يذكر ذلك لأصحابه وأتباعه ممّن عرف صدقه بغيرها من معجزاته.
على أنّ موسى عليهالسلام لمّا ادّعى النبوّة والإبانة أظهر ما جعله الله تعالى برهانا لنبوّته وتحدّى النّاس به ، كانقلاب العصا وغيرها ، ولم يقتصر على ادّعاء نزول التّوراة عليه ؛ فوجب أن يطلب بمساواته فيما تحدّى بفعله وصرّح بالاحتجاج (٢) به.
__________________
(١) في الأصل : تقلب ، والظاهر ما أثبتناه.
(٢) في الأصل : الاحتجاج ، والمناسب ما أثبتناه.