والمهج ، وتعلّقوا بكلّ أباطيل وشبهة ، وكان من جميع ما تكلّفوه أن يطالبوه بحجّة على قوله ، ويواقفوه على أنّه مطالب بما لو طولب بمثله لم ينفصل؟!
وكيف جاز أيضا من جماعة من عقلائهم وفضلائهم ومن لا ينسب إلى عناد ولا يرمى بقلّة تديّن وتحرّج ، أن ينقادوا له ويتّبعوه؟!
بل كيف جاز من جميع المستجيبين ـ مع كثرتهم ووفور عدّتهم ، وعلمنا بتديّن أكثرهم ـ أن يتّبعوه ويؤازروه ويصدّقوه ، وهو لم يظهر شيئا يقتضي التّصديق ، إمّا بالحجّة أو الشّبهة؟!
وكلّ هذا لو جاز لكان فيه نقض العادة وخروج عن المعهود المألوف فيها ، ولكان يقتضي الإعجاز والدّلالة مثل ما يقتضيه التحدّي بالقرآن ، بل ما هو أظهر منه في باب الأعجوبة ؛ فكان المدافع للتحدّي بالقرآن لا يتمكّن من دفعه الاعتراف بما يجري في الإعجاز مجراه ويزيد عليه.
وإذا وجب ـ بجميع ما ذكرناه ـ أن يكون عليه وآله السّلام محتجّا بأمر ما ، ومدّعيا به الإبانة والتميّز ، ولا شيء يدّعى فيه ذلك إلّا وحال القرآن أظهر ، ولا طريق إلى إثباته عليه وآله السّلام متحدّيا ومحتجّا بغيره إلّا وهو على أوضح الوجوه ، فقد (١) صحّ التحدّي بالقرآن ، وصار ما دلّ على ثبوت التحدّي بأمر من الأمور في الجملة يدلّ ـ بالتّرتيب الّذي رتّبناه ـ على ثبوت التحدّي بالقرآن بعينه.
* * *
وممّا اعتمد في العلم بالتّحدّي :
أنّ القرآن قد صحّ نقله بالتّواتر الّذي صحّ به أمثاله. وآيات التّحدّي المتضمّنة
__________________
(١) قبلها في الأصل زيادة : طريق إلى إثباته متحدّيا. وهو سهو من الناسخ.