وإن كانت على الوجه الثّاني : فقد كان يجب أن يكون التعلّق بها في وقوع التحدّي حادثا مستقبلا ، ولو كان كذلك ما أمسك اليهود والنّصارى وسائر الطّوائف الخارجة عن دين الإسلام عن مواقفة أهل الإسلام على ذلك ؛ لأنّ إمساكهم لا يخلو أن يكون مع العلم بحالهم فيما أضافوه إلى كتابهم ، أو مع عدم العلم به ، ولأنّ ما فعلوه ممّا يجوز أن يخفى عليهم.
ولن يجوز أن يمسكوا مع العلم ؛ لعلمنا بتوفّر دواعيهم ، وشدّة تعلّقهم وتوصّلهم إلى كلّ أمر هجّن الإسلام وأهله ، وأدخل الشّبه على معتقديه.
ولا يجوز أيضا أن يكون ذلك ممّا خفي عليهم ؛ لأنّهم إذا كانوا من الاختلاط بأهل الإسلام على ما هو معروف ، وعلمنا أنّ احتجاج المسلمين عليهم في النبوّة متّصل غير منقطع ، سلفا على سلف ، وخلفا على خلف ، فلا بدّ متى ظهر منهم في باب التحدّي والاحتجاج على صحّة ما لم يعرفوه ، ثمّ أضافوه إلى قولهم ـ بعد أن لم يضيفوه إليه ـ أن يعلموا بذلك من حالهم ، ويواقفوهم عليه ، ويحتجّوا عليهم به.
ألا ترى أنّ المسلمين ـ بعد ما سبق لهم من الاحتجاج في المعجزات الّتي دلّ عليها الكتاب والّتي لم يدلّ عليها ما سبق ـ لو أضاف بعضهم إلى القرآن آية أو آيات تتضمّن ذكر معجزة باهرة لم يقدّم ذكرها والاحتجاج بها ، ثمّ حاجّ بها مخالفي الملّة ـ لوجب أن يعلموا محاله ، ويواقفوا على أنّ ما فعله مبتدع لم يتقدّم وجوده؟
وإذا صحّ ما ذكرناه ـ ولم يكن أحد من مخالفي الإسلام يدّعي أنّ آيات التحدّي ممّا حدث الاحتجاج بها ، وأن يشير إلى زمان بعينه ذكرت فيه ، ولم تكن مذكورة قبله ، ولا أنّ أحدا وقف على ذلك ولا ادّعاه ـ فقد ثبت أنّها من جملة الكتاب الّذي أظهره الرّسول صلىاللهعليهوآله.
وقد اعتمد بعض المتكلّمين في ثبوت التّحدّي بالقرآن على ما نقل من قول