وبمثل هذه الطّريقة يعلم أنّه لم يكن في زمن النّبيّ صلىاللهعليهوآله نبيّ ظهر على يده من المعجزات والآيات أكثر وأبهر ممّا ظهر على نبيّنا عليه وآله السّلام ، وأنّه لم يظهر على يده قرآن آخر أظهر فصاحة وأبين بلاغة من هذا ، وأنّه لم تنقلب على يده المدن ، ولم يقم (١) الأموات من قبورهم ولم تصر (٢) السّماء أرضا ، والأرض سماء.
وهذه الطّريقة أيضا نسلك في أنّه ليس بين بغداد والكوفة بلد أوسع وأكثر أهلا من بغداد ؛ وأنّه لم يكن بين ملكين عرفنا أحوالهما واتّصلت بنا آثارهما ، ملك أعظم قدرا منهما وأكثر جندا ، لم يتّصل بنا خبره ولم ينقل إلينا أحواله. ونظائر ما ذكرناه كثيرة.
ومتى لم تصحّ الطّريقة الّتي سلكناها في نفي المعارضة ، لم يكن إلى نفي سائر ما ذكرناه طريق.
على أنّا قد بيّنا أنّ المعارضة لو وقعت ، لكانت مساوية للقرآن فيما اقتضى نقله وظهوره والعلم به ، وليس يصحّ أن يتساوى شيئان في المقتضي للحكم ولا يستويان في الحكم.
وإذا وجب نقل القرآن وظهوره وجب نقل كلّ ما جرى مجراه فيما المقتضي النّقل والظّهور.
فإن قيل : قد ادّعيتم أنّ الدّواعي إلى النّقل متوفّرة والموانع مرتفعة ، وقد مضى دليلكم على إثبات الدّواعي ، فمن أين حكمتم بارتفاع الموانع؟ ولم أنكرتم أن يكون الخوف من أنصار النّبيّ صلىاللهعليهوآله وأعوانه ، وتظاهر (٣) المستجيبين لدعوته
__________________
(١) في الأصل : ويقوم ، والمناسب ما أثبتناه.
(٢) في الأصل : وتصير ، والمناسب ما أثبتناه.
(٣) في الأصل : والا تظاهر ، وهو من سهو الناسخ.