على أنّ الشّبهة الّتي تدّعي دخولها على القوم لا تخلو من أن تكون في أنّهم متمكّنون من المعارضة ، أو في أنّ حجّته عليه وآله السّلام تسقط بفعلها.
وليس يجوز أن يدخل عليهم في الأمرين شبهة ؛ لأنّهم يعملون قدر ما في إمكانهم (١) من الكلام الفصيح ، ويفرّقون بينه وبين ما ليس في وسعهم منه.
ولو أشكل هذا على كلّ أحد لم يجز أن يشكل عليهم ، وهم الغاية والقدوة في هذه المعرفة.
ولو فرضنا أنّ الأمر اشتبه عليهم ـ على بعده ـ لوجب أن يجرّبوا نفوسهم ويتعاطوا المعارضة ، ليعلموا حقيقة حالهم ، ولم يجز أن يعدلوا إلى غير ذلك ممّا لا تأثير له ، مع طمعهم في تأتّي المعارضة.
فأمّا الوجه الثاني : فبعيد من دخول الشّبهة أيضا فيه ؛ لأنّهم لا يصحّ أن يشكّوا في أنّ بالمعارضة تسقط عنه الحجّة فتزول التبعة إلّا وهم شاكّون في كيفيّة التّحدّي والاحتجاج.
وإذا كان لا شبهة على القوم في ذلك بما تقدّم بيانه ـ ولأنّه عليه وآله السّلام كان مصرّحا بالاحتجاج بتعذّر المعارضة ، وجاعلا امتناعها دليل نبوّته والعلم على صدقه ـ فقد بطل قول من تعلّق بدخول الشّبهة على القوم ، من حيث بيّنا أنّه لا وجه يصحّ أن تدخل منه.
والجواب عمّا ذكرناه ثالثا : إنّ اعتقادهم في المعارضة أنّها لا تبلغ مبلغ الحرب ، لا يخلو أن يكون اعتقادا ؛ لأنّها لا تبلغ مبلغها في سقوط الحجّة وحصول الغرض المطلوب ، أو في الرّاحة والاستيصال.
ومحال أن يعتقدوا الأوّل ؛ لأنّا قد بيّنا أنّ ذلك ممّا لا يدخل فيه شبهة ، وكيف
__________________
(١) في الأصل : أماكنهم ، والمناسب ما أثبتناه.