يصحّ دخولها فيه وهو عليه وآله السّلام مصرّح بأنّني إنّما بنت منكم بامتناع معارضتي عليكم ، وأنّكم متى أتيتم بمثل ما جئت به فلا [حجّة] لي عليكم؟!
فليس يصحّ أن يشكّكهم في أنّ بالمعارضة به دون غيرها تثبت حجّتهم ، وتسقط دعواه إلّا ما شكّكهم في الضّروريّات [و] أخرجهم عن كمال العقول.
وإن كانوا اعتقدوا القسم الثّاني فهو غير مؤثّر فيما يريده ، ولا مقتض للانصراف عن المعارضة ؛ لأنّه عليهالسلام لم يتحدّهم بالقهر والدّولة ، ولم يدّع الإبانة منهم ؛ فإنّهم لا يتمكّنون من قتاله أو قتله وقتل أصحابه ، فتفزّعوا إلى الحرب الّتي هي أبلغ في هذه الأمور ، وأنّ ما تحدّاهم عليه وآله السّلام بما ذكرناه ممّا لا يؤثّر فيه.
ولو انتهوا فيها إلى غاية ما في نفوسهم من قتله عليه وآله السّلام وقتل أصحابه ، واستئصال أنصاره ، لم يدلّ ذلك على سقوط حجّته عنهم ، ولا شكّ العقلاء في أنّهم هم المقهورون بالحجّة ، وإن قهروا بالدّولة ؛ لأنّ المحقّ جائز أن يغلب ، كما أنّ المبطل جائز أن يغلب. والعقلاء لا يختارون لأنفسهم الدّخول فيما يكون الحجّة فيه عليهم مع مشقّته (١) ، ويعدلون عمّا تكون الحجّة فيه لهم مع سهولته.
هذا ، مع أنّهم في استعمال الحرب على خطب ؛ لأنّهم غير واثقين بالظّفر الّذي قد بيّنا إذا انحصل لم يكن فيه حجّة.
وليس هم في استعمال المعارضة على شيء من الخطر ، مع ثقتهم بأنّ حجّتهم بها تثبت ، ودعوى خصمهم عندها تسقط.
على أنّهم لو بدءوا بالمعارضة قبل الحرب لكانوا بين أمرين :
__________________
(١) في الأصل : مشقة ، وما أثبتناه مناسب للسياق.