ورابعها : إنّا قد علمنا أنّ حال كلامه عليهالسلام كحال كلام غيره إذا أضفناهما إلى القرآن ، وليس لشيء من كلامه مزيّة في هذا الباب. ولو كان القرآن من كلامه ، وتعذّرت معارضته ـ لأنّه أفصحهم ـ لظهر ذلك في كلامه.
وليس لهم أن يقولوا : إنّه تعمّل لإخلال ما عدا القرآن من كلامه من مثل فصاحته ؛ لأنّا قد علمنا من حاله عليه وآله السّلام أنّه قصد في مواضع كثيرة ومقامات عدّة ، إلى إيراد الفصيح من الكلام والبليغ من الخطاب ، وكلامه في كلّ ذلك غير متميّز من كلام غيره من الفصحاء. والاعتماد على ما تقدّم من الوجوه ؛ لأنّه أولى وأوضح.
فأمّا التّعلّق بأنّه تعمّل للقرآن زمانا طويلا فتأتّى منه ما تعذّر [عليهم] ، فيسقط بالوجوه الأربعة الّتي ذكرناها. ووجه سقوطه بالوجوه (١) الثّلاثة المتقدّمة واضح يغني عن التّنبيه.
وأمّا وجه سقوطه بالرابع ، فهو : أنّ من تقدّم في الفصاحة وعلت منزلته فيها لا يجوز أن يباين كلامه ـ الّذي لا يرتجله ولا يروّي فيه ـ لما يتعمّل (٢) غاية المباينة ، بل لا بدّ أن يكون فيما لم يتعمّل له مثل الّذي ، يروّي فيه ويتعمّل لإيراده ، أو ما يدانيه ويقاربه ؛ بهذا جرت العادات.
وإذا وجدنا كلامه عليه وآله السّلام ـ بالإضافة إلى القرآن ـ ككلام غيره ، بطلت هذه الشّبهة.
وممّا يبطلها زائدا على ما تقدّم : أنّ السّبب في ذلك لو كان التعمّل لوجب ، مع تطاول الزّمان ، أن يتعمّلوا ويظفروا بما دعوا إليه من المعارضة ، وقد تحدّاهم صلىاللهعليهوآله بالقرآن مدّة مقامه بمكّة ، وهي ثلاث عشرة سنة ، لم يتخلّلها شيء من الحروب ،
__________________
(١) في الأصل : بالوجه ، والمناسب ما أثبتناه.
(٢) كذا في الأصل ، والظاهر : ما يتعمّل له.