فيه الآمال.
ودللنا أيضا على أنّ التحدّي بالقرآن وقعود العرب عن المعارضة يدلّان على تعذّرها عليهم ، وأنّ التعذر لا بدّ أن يكون منسوبا إلى صرفهم عن المعارضة ؛ فالاستدلال به من هذا الوجه على النبوّة صحيح مستقيم.
وإن أردت القسم الثّاني : فهو قولنا ، وما يأبى ما (١) رسمناه إذا قيّدناه هذا التّقييد ، وفسّرناه بهذا التّفسير.
وقد زالت الشّناعة على كلّ حال ؛ لأنّ القوم الّذين قصدت إلى تقبيح مذهبنا في نفوسهم ، إنّما ينكرون أن يكون القرآن غير معجز ، ويشنّعون من يضاف مثل ذلك إليه. على تأويل أن يكون ممّا يتمكّن البشر من مساواته ومعارضته ، أو يكون لا حظّ له في الدّلالة على النبوّة ، ونحن بريئون من ذلك ومن قائليه.
فأمّا ما بعد هذا من التفصيل فموقوف على المتكلّمين وغيرهم ، لا ما تتخيّله ، فضلا عن أن تبطله ولا تصحّحه!
فإن قال : الشّناعة باقية ؛ لأنّ المسلمين بأسرهم ينكرون قول من نفى كون القرآن علما للنّبيّ صلىاللهعليهوآله ، كما تنكرون ما ذكرتموه وتبرّأتم منه من نفي دلالته جملة ، والقول بأنّه ممكن غير متعذّر؟! (٢)
__________________
(١) في الأصل : إذا ، والمناسب للسياق ما أثبتناه.
(٢) قال المصنّف رحمهالله في كتابه الذخيرة / ٣٨٢ : «فإن قيل : هذا المذهب يقتضي أنّ القرآن ليس بمعجز على الحقيقة ، وأنّ الصّرف عن معارضته هو المعجز ، وهذا خلاف الإجماع.
قلنا : لا يجوز ادّعاء الإجماع في مسألة فيها خلاف بين العلماء المتكلّمين! ولفظة «معجز» وإن كان لها معنى معروف في اللغة ، فالمراد بالمعنى في عرفنا ما له حظّ في دلالة صدق من اختصّ به. والقرآن على مذهب أهل الصرفة بهذه الصفة ، فيجوز أن يوصف بأنّه معجز.