الشّناعة إليك.
ثمّ يقال له : عرف العامّة ما تقوله أنت وأصحابك ، بل أكثر محصّلي المتكلّمين ، من أنّ جميع الخلق قادرون على مثل القرآن ، وغير عاجزين عنه. واسمع قولهم في ذلك ، فإنّه أشنع عندهم وأفحش من كلّ شيء!
فإن قال : هذا لا أطلقه ؛ لأنّه يوهم أنّهم يتمكّنون من فعل مثله ، وأنّه يتأتّى منهم متى راموه.
قيل له : قد أصبت في هذا الاحتراز والتقييد ، إلّا أنّ المعنى مفهوم ، وإن لم تطلق اللّفظ ، ونحن أيضا لا نطلق أنّ القرآن ليس بمعجز ولا علم ؛ لأنّه يوهم أنّ معارضته ممكنة غير متعذّرة ، وأنّه لا دلالة فيه على النبوّة ، فلا تسمنا (١) ذلك. واقنع منّا بما أقنعت به من طالبك بأنّ القرآن ... (٢).
ثمّ يقال لهم : ألست أنت وأصحابك كنتم تجيزون ـ لو لا إخبار الرّسول صلىاللهعليهوآله بأنّ القرآن من كلام ربّه تعالى ـ أن يكون فعلا للنّبيّ صلىاللهعليهوآله؟
فإذا قال : نعم.
قيل له : فلو لم يعلم ذلك من جهة النّبيّ صلىاللهعليهوآله ، وبقي الجواز على حاله ، ما الّذي كان يكون المعجز في الحقيقة؟
فإن قال : القرآن هو المعجز على كلّ حال ، ولا فرق بين أن يكون من فعل الله تعالى ، وبين (٣) أن يكون من فعل النّبيّ صلىاللهعليهوآله.
قيل له : فكيف يصحّ كونه علما للنّبيّ صلىاللهعليهوآله ومعجزا ، وهو من فعله؟ والعلم
__________________
(١) أي لا تجعله مزيّة وعلامة لنا.
(٢) يبدو أن نسخة الأصل كان فيها بياض بمقدار كلمتين ، فأضاف اليها من قام بمقابلة النسخة كلمتين هما : معذّبون عليه ، ولعلّ المناسب : مقدور عليه.
(٣) في الأصل : من ، والمناسب ما أثبتناه.