هو الواقع موقع التّصديق ، والتّصديق يجب أن يقع ممّن تعلّقت الدّعوى به ، وهو الله تعالى. وإذا كان من فعل النّبيّ صلىاللهعليهوآله ، كان هو المصدّق نفسه ، وهذا ظاهر الفساد.
فإن قال : إذا قدّرنا ارتفاع حصول العلم لنا من دين النّبيّ صلىاللهعليهوآله بأنّ القرآن من كلام الله تعالى ، جوّزنا أن يكون القرآن هو المعجز ، بأن يكون الله تعالى تولّى فعله. وجوّزنا أن يكون من فعل النّبيّ صلىاللهعليهوآله ، ويكون المعجز إذ ذاك العلوم التي خصّ بها ، فتأتّى معها فعل القرآن.
قيل له : أفكان تجويزكم أن يكون القرآن غير معجز ، وأن يكون المعجز في الحقيقة غيره ـ مع علمكم بصدق الرّسول صلىاللهعليهوآله من جهة القرآن ـ يدخلكم في شناعة!
فإذا قال : لا.
قيل : فعلى أيّ وجه ألزمتم أصحاب الصّرفة الشّناعة ، وما قالوا أكثر من هذا الّذي اعترفتم بأنّه لا شناعة فيه؟!
فإن قال : لو جرى الأمر على ما قدّمتموه ، لما حصل الإجماع على أنّ القرآن علم معجز. ولهذا لم يكن في القول بذلك شناعة. وإنّما ألزمنا أصحاب الصّرفة الشناعة الآن ، بعد حصول الإجماع.
قيل له : ولا الآن حصل إجماع ذلك ، كما ظننت ، وقد مضى في ادّعاء الإجماع ما لا طائل في إعادته.
فإن قال : إذا كان فصحاء العرب ـ على مذهبكم ـ قادرين على ما يماثل القرآن في الفصاحة والنّظم. أو على ما إن لم يماثله في الفصاحة قاربه مقاربة تخرجه من أن يكون خارقا للعادة ، فقد كانوا لا محالة عالمين بذلك من أنفسهم ؛ لأنّه لا يجوز أن تعلموا أنتم ذلك ويخفى عليهم! فإذا علموه ، فأحدهم إذا رام المعارضة فلم