وأهدى إليه هدايا ، ثمّ سأله : ما الّذي جاء به؟
فقال : جئت إلى محمّد لأنظر ما يقول ، وإلى ما يدعو.
فقال أبو جهل : إنّه يحرّم عليك الأطيبين : الخمر والزّنا!
قال : كبرت وما لي في الزّنا من حاجة!
قال : إنّه يحرّم عليك الخمر!
قال : فما الذي يحلّ؟
فجعلوا يخبرونه بأسوإ الأقاويل. ثمّ قال له : أنشدنا ما قلت فيه.
فأنشدهم ، حتّى أتى على آخرها ، فقالوا له :
إنّك إن أنشدته لم يقبله منك! فلم يزالوا به حتّى يصدّوه ، حتّى قال : إنّي منصرف عنه عامي هذا ، ومتلوّم (١) ما يكون. فانصرف إلى اليمامة ، فلم يلبث إلّا يسيرا حتّى مات.
وليس يدّعي هؤلاء ـ ومنزلتهم (٢) في الفصاحة والعقل منزلتهم ـ أنّهم (٣) يتمكّنون من مساواته في حجّته ، ويقدرون على إظهار مثل معجزته ، ولو لم يبهرهم أمره ، ويعجزهم ما ظهر على يده لما فارقوا أديانهم ، وأعطوا بأيديهم! (٤)
__________________
التي حيكت ضدّ النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وكان يعذّب المسلمين ، وهو الذي تولّى قتل سميّة أمّ عمّار بن ياسر. ولم يزل على كفره وشكره حتّى قتل بوقعة بدر الكبرى. وكان عمره يوم هلك ٧٠ سنة.
(١) أي متمكّث ومتمهّل.
(٢) في الأصل : منزلهم ، وما أثبتناه مناسب للسياق.
(٣) في الأصل : لم ، والمناسب ما أثبتناه.
(٤) قال المصنّف رحمهالله في كتابه الذخيرة / ٣٨٤ : «فإن قيل : إذا لم يكن القرآن خارقا للعادة بفصاحته ، كيف شهد له بالفصاحة متقدّمو العرب فيها كالوليد بن مغيرة وغيره؟ وكيف انقاد له صلىاللهعليهوآله وأجاب دعوته كبراء الشعراء ، كالنابغة الجعديّ ، ولبيد بن ربيعة ،