والحاصل ان هذه القطعة من الزمن مشكوك حدوث الحادث الاول فيها الى زمن وجود الآخر فيستصحب عدمه فيها فالاستصحاب إنما هو بهذه الجهة وبهذا النظر. لا ريب في إن اركان الاستصحاب اذا تمت في أية جهة من الجهات جرى وهنا قد تمت أركانه من هذه الجهة من يقين سابق بالعدم وشك لاحق متصل به الى زمن حدوث الآخر والأثر الشرعي يترتب عليه فيجري مضافا الى انه لو كان هذا موجبا لمنع جريان الاستصحاب لكان ينبغي ان يمنع من هذه الجهة استصحاب الكلي المردد بين الفرد القصير والطويل للعلم بعدمه لو كان في الفرد القصير فكذا ما نحن فيه فانه فرد واحد وهو العدم المشكوك استمراره الى حين وجود الآخر بل المنع من هذه الجهة يوجب المنع من الاستصحابات التي يكون الشك في الاستمرار من جهة الشك في حدوث المانع فانا فيما نحن فيه لانقطع بانقطاع العدم وانما نشك في انقطاعه قبل حدوث الآخر.
وقد يقرر الأشكال بوجه سادس. وهو ان الغرض من هذا الاستصحاب هو إثبات العدم مع وجود الآخر أو الوجود مع عدم الآخر لأن الأثر الشرعي مرتب عليهما ففي المثال المذكور الارث مرتب على وجود الابن مع عدم وجود الأب وفي المثال المتقدم الأثر مرتب على عدم الكرية مع الملاقاة للنجاسة أو عدم الملاقاة مع الكرية لا على العدم فقط أو الوجود فقط والاستصحاب إنما يثبت العدم أو الوجود في ظرف الحادث الآخر ولا يثبت حدوث الآخر فعلا أو قبل ذلك فلا يحرز به الموضوع ففي المثال المذكور استصحاب عدم الكرية الى زمان الملاقاة إنما يثبت فقط عدم الكرية على تقدير الملاقاة واما حدوث الملاقاة فلا يثبته وانما هو لازم عقلي له.