وإنا نحب أن تأتينا فتصلي فيه لنا وتدعوا بالبركة فقال إني على جناح سفر ولو قدمنا أتيناكم ان شاء الله فصلينا لكم فيه فلما انصرف رسول الله من تبوك نزلت عليه تلك الآية الشريفة في شأن المسجد فأنفذ رسول الله الى هذا المسجد فهدمه وأحرقه». اذا عرفت ذلك يظهر لك ان ما أطلق عليه الضرار ليس مما قد أخذ فيه المجازاة والاثنينية وحمل الضرار في الآيتين الشريفتين على المجاز خلاف الأصل يحتاج الى دليل صارف هذا مضافا الى قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم «ما أراك يا سمرة إلا مضارا» فاستعملها صلىاللهعليهوآلهوسلم بمعنى اسم الفاعل من مجرد الحدث لأنه ليس في مقابلة من يضره. مع إنها اسم فاعل من ضرار كما يظهر الذهاب الى ذلك من استاذنا المشكيني ويظهر منه الاستشهاد بقوله تعالى (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها) حيث ذهب بعض اللغويين الى انه استعمل في مجرد الحدث ولا يراد به المشاركة وقوله تعالى (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ. وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ) وفي مكاتبة محمد بن الحسين «ولا يضار لأخيه المؤمن». وقوله عليهالسلام «الجار كالنفس غير مضار». مع انه لو أريد منه نفي المشاركة لكان ذلك منافيا لمثل قوله تعالى (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) وقوله تعالى (جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) ما دل عليه قاعدة الاتلاف وغيره فان ذلك كله يقتضي أن يكون (الضرار) مستعملا في معنى الضرر لا في المشاركة.
وفيه ما لا يخفى فان ما ذكرناه لما كان هو الغالب في المعنى فيكون اللفظ ظاهرا فيه عند التجرد من القرائن وأما ما استشهد به الخصم فالقرائن ان كانت موجودة على إرادة غير المشاركة حملنا اللفظ عليها وان لم تكن قرائن على ذلك وجب حمل اللفظ على