تشهيا للعمل كأن يبني سطحا عاليا مشرفا على الجار وهو في غنى عنه بقصد إضرار الجار او تشهيا منه لذلك. فالظاهر كما هو المحكي عن المشهور هو الحرمة والضمان للغير لو أوجب تلفا في ماله أما الحرمة فلقاعدة (لا ضرر) فانها ترفع الحكم بسلطنة المالك على ملكه بهذا النحو لأنه حكم فيه ضرر على الغير ولحرمة إضرار الغير واما الضمان فلقاعدة من أتلف. ومنه تعرف حرمة كسر تاجر لآخر ببيع سلعته بقيمة قليلة ليكسر الآخر. وأما بيعها بقيمة قليلة لشدة احتياجه وكان ذلك موجبا لضرر واجدي تلك السلعة فالقاعدة هي الجواز لأن (لا ضرر) تتعارض في بيعه وعدمه فتتساقط ويرجع لقاعدة السلطنة وكيف كان فيدل على أصل المطلب ما تقدم من أخبار لا ضرر فراجعها وكفى منها خبر قصة سمرة بن جندب فان تصرفه في ملكه بالدخول فيه لعذقه بدون استئذان كان فيه ضرر على الانصاري وفي ترك الدخول بلا استئذان ليس فيه ضرر على سمرة المذكور إذ يمكنه أن يدخل مع الاستئذان. وقد استدل ابن قدامة من الحنابلة في المغني في إحياء الموات على عدم جواز ما يحدثه الجار مما يضر بجاره بلا ضرر.
ثانيها أن يكون في تصرفه في ملكه ضرر على الغير وفي تركه للتصرف ضرر عليه كبناء بالوعة لداره يحتاج اليها فيها ضرر على جاره وفي ترك البناء ضرر على داره فان قاعدة (الضرر) تتعارض هاهنا لأن في جواز البناء للمالك ضررا على الغير تقتضي قاعدة (لا ضرر) نفيه وفي حرمة بناء المالك في ملكه ضرر عليه تقتضي قاعدة (لا ضرر) نفيها فتتعارض قاعدة لا ضرر فيهما اذ لا بد من أحدهما إما جواز البناء أو حرمته فتتساقط قاعدة (لا ضرر) فيهما فتبقى قاعدة السلطنة للمالك وحرمة إضرار الغير ويقع بينهما التزاحم وحيث ان قاعدة السلطنة تقتضي حكما لا اقتضائيا