فان استصحاب عدم تزكيته يقتضي نجاسته واستصحاب طهارته حال حياته يقتضي طهارته أو حكمين كما لو علم بحلية أكل هذا اللحم وحرمة أكل ذلك اللحم ثم اشتبه عليه اللحم الحلال بالحرام فاستصحاب حلية كل منهما معارض باستصحاب حلية الآخر أو مختلفين موضوعا وحكما أو وجوديين أو عدميين أو مختلفين في الوجود والعدم الى غير ذلك من الاحتمالات.
وبعضهم احتمل صورة ثالثة وهي كون الشك في كل منهما مسببا عن الآخر ومثّل لذلك بعضهم بما اذا ورد الكر تدريجيا على الماء القليل النجس بدعوى ان الشك في نجاسة كل منهما مسبب عن ناقضية كل من الطهارة والنجاسة للاخرى والتمثيل لها بالعامين من وجه بدعوى إن الشك في أصالة عموم كل منهما مسبب عن الشك في اصالة عموم الآخر ولا يخفى إنها مستحيلة الوقوع اذ من المستحيل ان يكون الشيء مسببا عما هو مسبب عنه ضرورة أنه دور واضح. وتخيل انه دور معيّ مثل طرفي الطاق المتوقف كل منهما على الآخر. فاسد ضرورة ان الموقوف والموقوف عليه نفس وجود الشكين لا كونهما على صفة خاصة ففي مثال الطاق تكون صفة طرفه بهذا الوضع موقوفة كل منهما على الآخر نظير الأبوة والبنوة والقرب للآخر والبعد عن الآخر ونحو ذلك من الصفات لا إن نفس الوجود يكون موقوفا بل في الحقيقة يكون ذلك مستندا لعلة ثالثة ففي الطاق مستند للبناء فانه هو الصانع لذلك وفي الابوة والنبوة هي الولادة وفي الثالث هو المقترب من الآخر. وفيما نحن فيه يكون الفرض نفس الوجود ويكون موقوفا.
وأما المثالان المذكوران فالأول منهما يكون الشكان مسببين عن ثالث وهو احتمال اعتبار الدفعة في الالقاء. وأما المثال الثاني