فإن قلت : المقاسمة أن تقسم لصاحبك ويقسم لك ، تقول : قاسمت فلانا : حالفته ، وتقاسما ، تحالفا ، ومنه قوله تعالى :
(قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ) [النّمل : ٤٩] (١).
وأقسمت : حلفت : وأصله من القسامة.
وقال ابن عرفة في قوله تعالى : (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ) (٩٠) [الحجر].
هم الذين تقاسموا وتحالفوا على كيد الرسول (ص) والقسامة : الذين يحلفون على حقّهم ويأخذون.
وفي الحديث : «نحن نازلون بخيف (٢) بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر».
وتقاسموا من القسم اليمين ، أي تحالفوا ، يريد لمّا تعاهدت قريش على مقاطعة بني هاشم وترك مخالطتهم (٣).
أقول : لم يبق لنا من هذه الذخيرة اللغوية في العربية المعاصرة إلّا أقسم من الحلف ، أي : اليمين أمّا اقتسم ، وقاسم ، وتقاسم فكلّه يرجع الى القسم ، وهو القطع والقصّ ، والقسم : الجزء.
٨ ـ وقال تعالى : (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) [الآية ٢٢].
أي : وجعلا يخصفان. وقد ورد الفعل طفق في قوله تعالى : (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) [طه : ١٢١].
وفي قوله تعالى : (فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) (٣٣) [ص].
هذا كلّ ما نعرف عن استعمال «طفق» في العربية فلم يؤثر استعمالها في غير هذه الآيات الكريمة.
وقالوا : طفق بالفتح لغة رديئة ، وهي ملازمة لحالة المضيّ فلم يرد يطفق ولا المصدر ، فهو نظير كرب ، وحرى ، وعسى ، في أنها وردت جامدة على هذه الهيئة ، وليس من أبنية أخرى.
٩ ـ وقال تعالى (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا
__________________
(١). «الكشاف» ٢ : ٩٥.
(٢). الخيف : ما انحدر من غلظ الجبل ، وارتفع عن مسيل الماء.
(٣). «اللسان» (قسم).