١٨ ـ وقال تعالى : (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ) (٦٤).
لم يجئ الجمع «عميا» جمع أعمى ، ولا عميانا ، وإنما جاء «عمين» جمعا ل «عم» ، وهو الصفة على «فعل» ، لتجمع بالياء والنون على شاكلة أواخر الآيات (الفواصل) ، مختومة بالنون. فقد جاءت الفواصل بالنون فهي ترحمون ، وتعلمون ، وتفلحون وغيرها. وقالوا : وقرئ عامين ، وقالوا : إن «العمي» يدلّ على عمى ثابت ، والعامي على عمى حادث.
ومن النادر أن يأتي الوصف على «فاعل» من الفعل اللازم على «فعل» مثل «فرح» فهو ضجر ولا يقال ضاجر ، وهو طرب ولا يقال طارب ، وهو حزن ولا يقال حازن ، ولكنهم قالوا : عام وعم على السواء ؛ وهذا من لطائف العربية.
١٩ ـ وقال تعالى : (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٦٩).
الآلاء : النّعم ، والمفرد ألى وإلى وإلي.
والعجيب أن الكلمة لا نراها إلا جمعا ؛ فأمّا قول الأعشى :
أبيض لا يرهب الهزال ولا يقطع رحما ، ولا يخون إلا فنادر ، لا نجد له شاهدا آخر ، وقال فيه ابن سيده : يجوز أن يكون «إلا» هنا واحد آلاء الله ، ويجوز ان يكون مخفّفا من الإلّ الذي هو العهد.
أقول : وقد يشيع في العربية الجمع ، وينسى المفرد نحو «أرجاء» ، وقلّما يوجد «رجا» مستعملا ، ومثله «آناء» كآناء الليل ، وقلما نجد «إنّى» وهو المفرد.
٢٠ ـ وقال تعالى : (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً) [الآية ٦٥].
قال الزمخشري : و «أخاهم» عطف على «نوحا».
أقول : كيف يجوز عطف على معطوف عليه قبله بكلام طويل ، أي في قوله تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) (٥٩).
والذي أراه أن «أخاهم» في الآية الخامسة والستين ، منصوب بفعل محذوف للعلم به ، وهو «أرسلنا» ، فكأننا نقرأ : وإلى عاد أرسلنا أخاهم هودا. ونستطيع أن نقول مثل هذا في قوله تعالى :