(وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً) [الآية ٧٣] أي : أرسلنا أخاهم صالحا.
٢١ ـ وقال تعالى : (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (٧٤).
قرأ جميع القراء «تعثوا» بفتح الثاء من عثي يعثى عثوّا ، وهو أشدّ الفساد.
وفي الفعل «عثي» لغتان : هما عثا يعثو عثوّا ، وعاث يعيث عيثا ، ولم يقرأ بهما.
أقول : وليس لنا من هذا الفعل في العربية المعاصرة إلّا عاث يعيث.
وحقيقة عثي يعثى ، مقلوب عاث يعيث ، كما قال كراع.
ولكنهم قالوا : إن اللغة الجيدة عثي يعثى. وقد كنا عرضنا لهذا الفعل في آية سابقة.
٢٢ ـ وقال تعالى : (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) (٨٣).
أي : من الذين غبروا في ديارهم ، أي : بقوا فهلكوا ، والتذكير لتغليب الذكور على الإناث.
وغبر الشيء يغبر غبورا : مكث وذهب وغبر الشيء : بقي. والغابر : الباقي ، والغابر : الماضي. ومن هنا قالوا : هو من الأضداد.
أقول : ولعلّ هذا كلّه جاء من أنّ الغابر ، باقيا أو ماضيا ، إنّما يكون سائرا عابرا : أي : متحرّكا.
ومن هنا كانت العلاقة بين غبر ، وعبر علاقة أصيلة.
٢٣ ـ وقال تعالى : (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ) (٨٩).
أي : ربّنا احكم بيننا ، والفتاحة الحكومة ، أي ؛ الحكم بين المتخاصمين ، أو أظهر أمرنا حتّى يتفتّح ما بيننا وبين قومنا.
أقول : وهذا من الكلم الشريف الذي اشتملت عليه لغة القرآن ، والفتّاح ، من صفة الله ، هو الحاكم. وهو الفتّاح العليم. والفتّاح من أسماء الله تعالى الحسنى. وفي حديث ابن عباس : ما كنت أدري ما قوله ـ عزوجل ـ : (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا) حتّى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها :
تعال أفاتحك ، أي : أحاكمك ، ومنه : «لا تفاتحوا أهل القدر» ، أي : لا تحاكموهم.
أقول : وليس في عربيّتنا المعاصرة