«دان» «يدين» لم يهمز لأن الياء حينئذ من الأصل. وأمّا «قطائع» و «رسائل» و «عجائز» و «كبائر» فإنّ هذا كلّه مهموز ، لأنّ واو «عجوز» زائدة ، ألا ترى أنك تقول : «عجز» ؛ وألف «رسالة» زائدة إذ تقول «أرسلت» فتذهب الألف منها. وتقول في «كبيرة» «كبرت» فتذهب الياء منها. وأما «مصايب» فكان أصلها «مصاوب» لأن الياء إذا كانت أصلها الواو ، فجاءت في موضع لا بد من أن تحرك فيه ، قلبت الواو في ذلك الموضع إذا كان الأصل من الواو ، فلمّا قلبت صارت كأنها قد أفسدت حتى صارت كأنها الياء الزائدة ، فلذلك همزت ، ولم يكن القياس أن تهمز. وناس من العرب يقولون «المصاوب» وهي قياس (١).
وقال تعالى : (صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ) [الآية ١١]. «ثمّ» في معنى الواو (٢) ويجوز أن يكون معناه (لآدم) كما تقول للقوم :
«قد ضربناكم» وإنّما ضربت سيدهم.
وقال تعالى : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) [الآية ١٢] ومعناه : ما منعك أن تسجد ، و (لا) هاهنا زائدة. وقال الشاعر (٣) [من الطويل وهو الشاهد الرابع بعد المائتين] :
أبى جوده «لا» البخل واستعجلت به |
|
«نعم» من فتى لا يمنع الجوع (٤) قاتله (٥) |
وفسرته العرب : أبى جوده البخل «وجعلوا (لا) زائدة حشوا هاهنا وصلوا بها الكلام. وزعم يونس أنّ أبا عمرو ، كان يجرّ «البخل» ولا يجعل «لا» مضافة إليه أراد : أبى جوده (لا) التي هي للبخل لأن (لا) قد تكون للجود والبخل. لأنه لو قال له : «امنع الحقّ»
__________________
(١). وقد نقلت من هذه الآراء جذاذات في التهذيب ١٢ : ٢٥٣ «صاب» وإعراب القرآن ١ : ٣٥١ و ٣٥٢ والجامع ٧ : ١٦٧ و ١٦٨.
(٢). نقله في الجامع ٧ : ١٦٨.
(٣). لم تفد المصادر والمراجع شيئا في الشاعر.
(٤). في ما عدا الصحاح واللسان «لا» وردت ب «الجود».
(٥). البيت في الخصائص ٢ : ٣٥ و ٢٨٣ ، ومغني اللبيب ١ : ٢٤٩ و ٢١٧ ، وأمالي ابن الشجري ٢ : ٢٢٨ ، واللسان «لا» ، وفيه نقلت عبارات الأخفش من غير نسبة ، وكذلك في الصحاح «لا».