٩ ـ وقال تعالى : (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ) [الآية ٤٧].
الخبال : الفساد والشر.
والخبل والخبل والخبل والخبال : الجنون ، ويقال به خبال ، أي : مسّ.
وهذا هو المعروف المشهور ، ممّا بقي من الكلمة في اللغة المعاصرة.
وأما الخبال بمعنى الفساد والشر ، كما في الآية فنظيره قوله تعالى :
(لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً) [آل عمران : ١١٨].
قال الزجاج : هو الفساد وذهاب الشيء ، وأنشد بيت أوس :
أبني لبينى لستم بيد |
|
إلا يدا مخبولة العضد |
وقوله تعالى : (وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ) ، بمعنى ولسعوا بينكم بالتضريب والنمائم ، وإفساد ذات البين.
وقال الفرّاء : الإيضاع السّير بين القوم.
والأصل من قول العرب : أوضع الراكب ووضعت الناقة ، وهو السير والعدو ، فكأنّ الآية : (وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ) ، تلمح الى هذا الأصل ، لأنّ الموضع يسعى بالإفساد ، ففي الكلمة «سعي» بمعنى السير والعدو.
١٠ ـ وقال تعالى : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ) [الآية ٦١].
الأذن : الرجل الذي يصدّق كلّ ما يسمع ويقبل قول كل أحد ، سمّي بالجارحة التي هي آلة السماع ؛ كأنّ جملته أذن سامعة ، ونظيره قولهم للربيئة «عين». وإيذاؤهم له : هو قولهم فيه «هو أذن».
وأذن خير كقولك : رجل صدق ، تريد الجودة والصلاح ، كأنه قيل : نعم هو أذن ، ولكن نعم الأذن. ويجوز أن يريد : هو أذن في الخير والحق ، وفيما يجب سماعه وقبوله ، وليس بأذن في غير ذلك.
أقول : واستعارة الأذن لهذا النوع من المعاني الشريفة ، ما زال معروفا في العربية المعاصرة ، فيقال : هو أذن صاغية ، أي : مطيع ، ولكن هذه «الأذن الصاغية» تكون في الخير والشر على السواء.
١١ ـ وقال تعالى : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) [الآية ٦٣].