للنضر : يا أبا قتيلة ، ما يقول محمّد؟ فقال : والذي جعلها بيته ، يعني الكعبة ، ما أدري ما يقول ، إلّا أنّه يحرّك لسانه ويقول أساطير الأولين ، مثل ما حدّثكم عن القرون الماضية. فقال أبو سفيان : إنّي لأراه حقّا. فقال أبو جهل : كلّا ، فنزلت الآية. والأكنّة : الأغطية ، وهي جمع كنان.
والمعنى غطّيت قلوبهم بأغطية لئلّا يفقهوا آيات الله ، أي : لكي لا يفقهوها أقول : حذفت لام التعليل كما حذفت أداة النفي «لا» قبل الفعل «يفقهوه» للعلم به من قرينة الحال ، وهذا نمط من إيجاز لغة التنزيل ، وهو معرض من معارض البلاغة.
٣ ـ وقال تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا) [الآية ٢٧].
والمعنى : ولو ترى إذ أروا النّار ....
إن الفعل : «وقف» في الآية مبني للمفعول.
والفعل وقف ، والمصدر وقف ووقوف ، خلاف الجلوس وهو لازم ، تقول : وقفت الدابّة تقف وقوفا. ووقفت الدابّة وقفا ، أي : وقّفتها أو أوقفتها ، وهو فعل متعدّ نعرفه كثيرا في الأدب القديم ، قال امرؤ القيس :
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم |
|
يقولون لا تهلك أسى وتجمّل |
ومثل قول طرفة :
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم |
|
يقولون لا تهلك أسى وتجلّد |
ومن ذلك قول النابغة :
وقفت فيها سراة اليوم أسألها |
|
عن حال نعم أمونا عبر أسفار |
هذا هو «وقف» الفعل المتعدي ، وهو ما لا وجود له في العربية المعاصرة ، بل عدل عنه إلى المزيد فيقال : أوقفت السيّارة ، ومثله المضاعف : وقّفها.
على أن الفعل في الآية موضع بحثنا «وقفوا» بمعنى أروا وأدخلوا النار فعرفوا مقدار عذابها ، كما تقول : وقفت على ما عند فلان ، تريد قد فهمته وتبيّنته.
٤ ـ وقال تعالى : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) (٣٣).
إنّ الأداة «قد» في (قَدْ نَعْلَمُ) من