(وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (١٠٥). وقد قرئت هذه الآية : (وليقولوا دارست). والمعنى كما قالوا : درست كتب أهل الكتاب ؛ وأمّا دارست أي : ذاكرتهم. وقرئ : (درست) و (درست) ، أي : هذه أخبار قد عفت وامّحت.
أقول : وهذه القراءة الأخيرة لا تعدل قوّة القراءة الأولى ووضوحها ، التي اتّفق أكثر القراء وأهل العلم عليها.
وقرأ ابن عباس ومجاهد : (دارست) ، وفسّرها : قرأت على اليهود وقرءوا عليك.
وقرئ : (درست) أي : قرئت وتليت.
والمصدر في هذا الفعل بمعنى القراءة الدّرس كالمصدر في «درس» بمعنى «عفا وامّحى». أما الدراسة بمعنى القراءة ، فهي خاصة بهذه الدلالة. والدّرس بمعنى القراءة من الأصول القديمة في مجموعة اللغات السامية ، ومن المعلوم أن المدراش عند العبرانيين هو البيت الذي يدرسون فيه ، نظير «المدرسة» في العربية التي استحدثت للمكان في العصور الإسلامية.
ودلالة الدرس على القراءة لها شواهد من كلام الله العزيز ، كقوله :
(أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ) (٣٧) [القلم].
(وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها) [سبأ : ٤٤].