الكثرة ، فجرى مجرى «راوية» و «نسّابة» (١).
وقوله تعالى (جَنَّاتٍ) [الآية ١٤١] بالجرّ لأن تاء الجميع في موضع النصب ، مجرورة بالتنوين.
ثم قال تعالى : (وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً) [الآية ١٤٢] أي : وأنشأ من الأنعام حمولة وفرشا.
ثم قال تعالى : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) [الآية ١٤٣] أي : أنشأ حمولة وفرشا ثمانية أزواج. أي : أنشأ ثمانية أزواج ، على البدل (٢) أو التبيان أو على الحال (٣).
وقوله تعالى : (مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ) [الآية ١٤٣] أي على تقدير (أنشأ) قبل الآية ، والله أعلم. وإنّما قال (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) لأنّ كلّ واحد «زوج». تقول للاثنين : «هذان زوجان» وقال الله عزوجل (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) [الذاريات : ٤٩] وتقول للمرأة ، «هي زوج» (٤) و «هي زوجة» (٥) و : «هو زوجها».
وقال تعالى : (وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) [الأعراف : ١٨٩] يعني المرأة وقال (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) [الأحزاب : ٣٧] وقال بعضهم : «الزوجة» وقال الأخطل [من البسيط وهو الشاهد السابع والعشرون بعد المائة] :
زوجة أشمط مرهوب بوادره |
|
قد صار في رأسه التخويص والنزع |
وقد يقال للاثنين أيضا : «هما زوج» و «الزوج» النّمط يطرح على الهودج.
قال لبيد [من الكامل وهو الشاهد السادس والعشرون بعد المائة] :
من كلّ محفوف يظلّ عصيّه |
|
زوج عليه كلّة وقرامها |
وأمّا (الضَّأْنِ) [الآية ١٤٣] فمهموز وهو جماع على غير واحد. ويقال (الضئين) مثل «الشعير» وهو جماعة
__________________
(١). نقله في الجامع ٧ : ٩٥ ، وأشرك معه الكسائي فيه.
(٢). نقله في المشكل ١ : ٢٧٥ ، وإعراب القرآن ١ : ٣٤١ ، والجامع ٧ : ١١٣.
(٣). نقله في إعراب القرآن ١ : ٣٤١.
(٤). هي لغة أهل الحجاز ، المخصص ١٧ : ٢٤ ، والبحر ١ : ١٠٩ ، واللسان «زوج» وزاد المسير ١ : ٦٥ ، والمذكّر والمؤنث للفرّاء ٩٥ و ١٠٨ ، ولهجة تميم ٣٢١ ، واللهجات العربية ٥٠٣.
(٥). هي لغة تميم وكثير من قيس وأهل نجد المصادر السابقة ، وفي المذكّر والمؤنث ٩٥ الى أهل نجد ، وفي ١٠٨ الى سائر العرب غير أهل الحجاز.