[الآية ٤٠] إلى أن قال (فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ) [الآية ٤١] ومن جملة ما ذكر الدعاء فيه عذاب الساعة وهو لا يكشف عن المشركين؟
قلنا : لم يخبر عن الكشف مطلقا ، بل مقيّدا بشرط المشيئة ، وعذاب الساعة ، لو شاء كشفه عن المشركين لكشفه.
فإن قيل : قوله تعالى : (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) [الآية ٥٠] كيف ذكر القول في الجملة الأولى والثالثة ، وترك ذكره في الجملة الثانية؟
قلنا : لما كان الإخبار بالغيب كثيرا ممّا يدّعيه البشر كالكهنة والمنجّمين وواضعي الملاحم ، ثم إنّ كثيرا من الجهّال يعتقدون صحة أقاويلهم ويعملون بمقتضى أخبارهم ، بالغ في سلبه عن نفسه بسلب حقيقته عنه بخلاف الإلهية والملكية ، فإن انتفاءهما عنه وعن غيره من البشر ظاهر. فاكتفي في نفيهما ، بنفي القول ، إذ غير الدعوى فيهما لا تتصور في نفس الأمر ولا في زعم الناس ، بخلاف علم الغيب فافترقا ، والمراد بقوله تعالى (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ) [الآية ٥٠] أي لا أدّعي الإلهية ، كذا قاله بعض المفسرين.
فإن قيل : قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) (٥٥) لم ذكر سبيل المجرمين ولم يذكر سبيل المؤمنين ، وكلاهما محتاج إلى بيانه؟
قلنا : لأنه إذا ظهر سبيل المجرمين ، ظهر سبيل المؤمنين أيضا بالضرورة ؛ إذ السبيل سبيلان لا غير.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ) [الآية ٦٠] أي ما كسبتم ، وهو يعلم ما جرحوا ليلا ونهارا؟
قلنا : لأن الكسب أكثر ما يكون بالنهار لأنه زمان حركة الإنسان ، والليل زمان سكونه ، لقوله تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) [القصص : ٧٣] بعد قوله سبحانه (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ) [القصص : ٧٢].
فإن قيل : قال تعالى : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) [الآية ٦٢] يعني مولى جميع الخلائق. وقال في موضع آخر (وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) (١١) [محمّد]؟
قلنا : المولى الأول بمعنى المالك أو