وهي ناقة صالح عليهالسلام ، لأنّ آثار ديارهم المهلكة في بلاد العرب قريبة من حدودهم ، يبصرها صادرهم وواردهم. وعن السادس : أنّ معنى مبصرة دالّة ، كما يقال الدليل مرشدها وقيل مبصرا بها ، كما يقال ليل نائم ونهار صائم أي ينام فيه ويصام فيه ، وقيل معناه مبصرة ، يعني أنها تبصّر الناس صحّة نبوّة صالح عليهالسلام ؛ ويعزّز هذا قراءة من قرأ (مبصرة) بفتح الميم والصاد : أي تبصرة. وقيل مبصرة صفة لآية محذوفة ، تقديره : آية مبصرة : أي مضيئة بيّنة. وعن السابع : أن الباء ليست لتعدية الظلم إلى الناقة ، بل معناه : فظلموا أنفسهم بقتلها أو بسببها ، وقيل الظلم هنا الكفر ، فمعناه : فكفروا بها ، فلمّا ضمن الظلم معنى الكفر عدّاه تعديته. وعن الثامن : أنّ المراد بالآيات ثانيا العبر والدلالات ، لا الآيات التي اقترحها أهل مكّة.
فإن قيل : لم قال تعالى (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) [الآية ٦٠] وليس في القران لعن شجرة ما؟
قلنا : فيه إضمار تقديره : والشجرة الملعونة المذكورة في القرآن. الثاني : أنّ معناه : الملعون آكلوها وهم الكفرة. الثالث : أنّ الملعونة يعنى المذمومة ، كذا قال ابن عبّاس رضي الله عنهما ، وهي مذمومة في القرآن ، بقوله تعالى : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ(٤٤)) [الدخان]. وبقوله تعالى : (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (٦٥)) [الصافات] الرابع : أن العرب تقول لكل طعام مكروه أو ضار ملعون ؛ وفي القرآن الإخبار عن ضررها وكراهتها. الخامس : أن اللعن في اللغة ، الطرد والإبعاد ، والملعون هو المطرود عن رحمة الله تعالى المبعد ، وهذه الشجرة مطرودة مبعدة ، عن مكان رحمة الله تعالى وهو الجنة ، لأنّها في قعر جهنّم ، وهذا الإبعاد والطرد مذكوران في القرآن ، بقوله تعالى : (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ) (٦٤) [الصافات]. وقال ابن الأنباري سمّيت ملعونة ، لأنها مبعدة عن منازل أهل الفضل.
فإن قيل : لم خصّ أصحاب اليمين بقراءة كتبهم بقوله تعالى : (فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ) [الآية ٧١] ولم خصّهم بنفي الظلم عنهم ، بقوله تعالى : (وَلا