وجاء في معجمات العربية : وعثر على الأمر : اطّلع عليه.
ولا حجّة لمن ذهب إلى خطأ هذا القول من المعاصرين.
٨ ـ وقال تعالى : (وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي) [الآية ٢٤].
أقول : إن الاكتفاء بالحركة القصيرة بعد النون ، يهيّئ مناسبة أن يجيء بعدها حركة طويلة في قوله تعالى : (رَبِّي) ، ولو أنك أطلت في الأولى وقرأت «يهديني» لما حسن الأداء من الناحية الصوتية ، ألا ترى إلى قوله سبحانه : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) [الآية ١٧].
فإن (الْمُهْتَدِ) جاء بالكسر ، والأصل «المهتدي» ، ولكن لمّا حسن الوقف عليه اجتزئ بالكسر ، توقّعا للسكون ، الذي يتطلبه الوقف.
٩ ـ وقال تعالى : (وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) (٢٧).
«الملتحد» بزنة اسم المفعول : الملتجأ.
أقول : وليس لنا في عربيتنا المعاصرة إلّا الثلاثي ، ومنه «اللّحد».
١٠ ـ وقال تعالى : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (٢٨).
وقوله تعالى : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ) ، أي : احبسها معهم وثبّتها ، قال أبو ذؤيب :
فصبرت عارفة لذلك حسرة ترسو إذا نفس الجبان تطلّع أقول : وهذا من معاني «الصبر» القديمة ، التي عفا أثرها بسبب شيوع معنى «الصبر» المعروف ، وهو الصبر على المحن والشدائد ، وبهذا المعنى أصبح الفعل «صبر» من الأفعال اللازمة ، وأصله التعدّي ؛ لأن المعنى هو الحبس في الأصل ، فكأن «الصابر» على الشدّة من يحبس نفسه ، فيحملها على الاحتمال.
قلت : لم يبق من هذا المعنى شيء إلّا ما اصطلح عليه أهل الشمال الإفريقي ، الذين أخذوا المضاعف ، وأطلقوه على ما يحبس من الفواكه والخضر واللحوم في الصفيح ، وهو ما