إلى الله أقرب ، كان من الله أرهب. وقال بعضهم يا عجبا من مطيع آمن ، ومن عاص خائف.
فإن قيل : لم قال تعالى : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) [الآية ٣٠] وهم لم يروا ذلك؟
قلنا : معناه : أو لم يعلموا ذلك بأخبار من قبلهم ، أو بوروده في القرآن الذي هو معجزة في نفسه ، ونظيره قوله تعالى للنبي (ص) (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [النور : ٤١] وقوله تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً) [النور : ٤٣] ، ونظائره كثيرة.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) [الآية ٣٠] مع أن الملائكة أحياء والجنّ أحياء ، وليسوا مخلوقين من الماء ، بل من النور والنار ، كما قال تعالى (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) (١٥) [الرحمن] وكذا آدم مخلوق من التراب ، وناقة صالح مخلوقة من الحجر؟
قلنا : المراد به البعض ، وهو الحيوان ، كما في قوله تعالى (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) [النمل : ٢٣] وقوله تعالى : (وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ) [يونس : ٢٢] ونظائره كثيرة. الثاني : أنّ الكلّ مخلوقون من الماء ، ولكن البعض بواسطة ، والبعض بغير واسطة. ولهذا قيل إنه تعالى خلق الملائكة من ريح خلقها من الماء ، وخلق الجنّ من نار خلقها من الماء ، وخلق آدم من تراب خلقه من الماء.
فإن قيل : لم قال تعالى : (فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) (٣٧) بعد قوله سبحانه : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) [الآية ٣٧] وكأنه تكليف بما لا يطاق؟
قلنا : هذا ، لما ركب فيه الشهوة ، وأمره أن يغلبها ؛ لأنه أعطاه القدرة ، التي يستطيع بها قمع الشهوة ، وترك العجلة.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ) (٤٥) مع أن الصمّ لا يسمعون الدعاء إذا ما يبشّرون أيضا؟
قلنا : اللام في الصّمّ إشارة للمنذرين السابق ذكرهم ، بقوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ) [الآية ٤٥] فهي لام العهد ، لا لام الجنس.
فإن قيل : لم قال إبراهيم صلوات الله عليه ، كما ورد في التنزيل : (بَلْ فَعَلَهُ