يُبْعَثُونَ) (٢١) والمؤمنون الموحّدون كذلك؟
قلنا : معناه وما يشعر الأصنام متى يبعث عبّادها ، فكيف تكون آلهة مع الجهل؟ أو معناه : وما يشعر عبّادها ، وقت بعثهم لا مفصّلا ولا مجملا ، لأنهم ينكرون البعث ، بخلاف الموحّدين فإنهم يشعرون وقت بعثهم مجملا ، أنه يوم القيامة ، وإن لم يشعروه مفصّلا ..
فإن قيل : قوله تعالى (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٢٤) كيف يعترفون بأنه من عند الله تعالى ، بالسؤال المعاد ضمن الجواب ، ثم يقولون هو أساطير الأوّلين.
قلنا : قد سبق مثل هذا السؤال وجوابه في سورة الحجر في قوله تعالى (وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) (٦) [الحجر].
فإن قيل : لم قيل هنا (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) [الآية ٢٥] وقال في موضع آخر : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [الأنعام : ١٦٤]؟
قلنا : معناه ومن أوزار إضلال الذين يضلّونهم ، فيكون عليهم وزر كفرهم مباشرة ، ووزر كفر من أضلّوهم تسبّبا ، فقوله تعالى : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً) يعني أوزار الذنوب التي باشروها. وأما قوله تعالى (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ، فمعناه : وزر لا مدخل لها فيه ، ولا تعلّق له بها مباشرة ، ولا تسبّبا ؛ ونظير هاتين الآيتين قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) [العنكبوت : ١٢] إلى قوله تعالى (وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) [العنكبوت : ١٣].
فإن قيل : قوله تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ) [الآية ٤٠] ، يدل على أن المعدوم شيء ، ويدل على ان خطاب المعدوم جائز ؛ والأول منتف عند أكثر العلماء ، والثاني منتف بالإجماع؟
قلنا : أما تسميته شيئا ، فمجاز باعتبار ما يؤول إليه ، ونظيره قوله تعالى (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (١) [الحج] وقوله تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (٣٠) [الزّمر]. وأما الثاني فإن هذا الخطاب تكوين ، يظهر به أثر القدرة ،